أحمد عبد الصبور : الإعلام لم يعد حكراً على الإعلاميين ، الذين باتوا يستقون معلوماتهم من ” السوشيال ميديا ” في ظل إنتشار فكرة ” المواطن الإعلامي “
أحمد حمدي
إستضافت مقدمة ومعدة البرامج الإذاعية ” نارمن الطاهر ” المؤرخ والناقد الفني والصحفي ” أحمد عبد الصبور ” في برنامجها الشهير ” نجم النجوم ” على إذاعة الشباب والرياضة FM 108 ، وذلك في حلقة خاصة عن أزمة الصحافة الورقية .
وقد تحدث المؤرخ والناقد الفني والصحفي ” أحمد عبد الصبور ” ، قائلاً :
الحمد لله الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم … إن نعم الله عز وجل على بني الإنسان عديدة وجليلة لا تعد ولا تحصى ،،، قال تعالى : ” إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ” … ومن هذه النعم نعمة البيان والفصاحة التي ما يملكها كل أحد من البشر ، وهذه النعمة يستطيع بها الإنسان التعبير والإبداع عما يكن في نفسه ويدور في خلجات فؤاده …
الحقيقة أني من عشاق المدرسة القديمة للصحافة الورقية ،،، ولكن قلت منشوراتي في الآونة الأخيرة … ففي ظل التطور الرهيب والحداثة في الصحافة الإلكترونية وظهور صفحات التواصل الإجتماعي ( مواقع إلكترونية + سوشيال ميديا ) بالإضافة إلى إرتفاع تكلفة الطباعة مع عامل السرعة والوقت … كل ما سبق ذكره كان له التأثير بالسلب على الصحافة الورقية … التي أخشى أن تختفي يوماً ما … !!!
ثم أضاف ” أحمد عبد الصبور ” قائلاً :
لقد تجلت أزمة الصحف الورقية بوضوح خلال السنوات العشر الأخيرة ، فيما يلي :
- بسبب تراجع الموارد المالية .
- فقدانها لسوق الإعلانات شيئاً فشيئاً .
- تضخم أعداد العاملين .
- العجز عن وضع إستراتيجيات تحول رقمي ناجحة للصحف الورقية .
- محدودية سقف الحريات المتاحة للصحف الورقية ( الحرية ) ، تأتي مركزيتها في صدارة الأزمات التي تواجه الصحافة .
ثم أستطرد ” أحمد عبد الصبور ” قائلاً :
كذلك نلاحظ أن الإعلام عامةً لم يعد مرتبطاً بوسائل تقليدية ، والتغير الحقيقي يحدث نوعياً في فكرة الإعلام وتداول المعلومة ذاتها ، فلم يعد الإعلام حكراً على الإعلاميين ، الذين باتوا يستقون معلوماتهم من ” السوشيال ميديا ” في ظل إنتشار فكرة ” المواطن الإعلامي ” وتحول كل مشارك عبر الإنترنت و” السوشيال ميديا ” إلى مراسل ومصدر للخبر والمعلومة ، وتحولت المواقع الإخبارية في معظمها إلى مجرد ناقل وصدى لما ينشر عبر الوسائل الجديدة ، وإختفى دور صانع الخبر التقليدي وإنتقلت دفة القيادة إلى الجمهور الذي بات أكثر قدرة على تلبية رغبات بعضه البعض للتعرف إلى المعلومة الجديدة ، وبات من الصعب على وسائل الإعلام التقليدية منافسة هذا النمط الجديد من تداول المعلومات والأخبار ، وإستسلمت للأمر الواقع وتحولت إلى نمط إعلامي جديد لم يتبلور بعد ويتمثل فى تجميع ما ينشر عبر السوشيال ميديا من ” تغريدات ” و ” بوستات ” وصور عبر ” إنستجرام ” وغير ذلك من وسائل … !!!
وشدد ” أحمد عبد الصبور ” قائلاً :
أتذكر هنا ما قاله الأمير ” حسين كامل ” باشا نجل ” إسماعيل ” خديوي مصر : « إن كل أمةٍ متمدنة يجب عليها أن تحترم الصحافة ، ونودُّ أن تكون معها يداً في يد لتتعلم منها وتستفيد مما ينشر فيها من الفوائد ، الجرائد أكثر من أن تكون مهنة لتُعيش أصحابها ، بل هي أشرف من ذلك ، ولها فوائدُ عامةٌ عديدة » .
إن حب العمل بمثابة طريق حتمي للوصول إلى الغايات وتحقيق الأهداف المهنية التي من شأنها أنّ ترفع من قيمة الشخص وتحقّق له مكانة إجتماعية ومهنيّة .
وهنا أتذكر أيضاً ما قاله ” نايجل مارش ” :
” الكثير من النّاس يعملون ساعاتٍ طويلةً في وظائف يكرهونها ، تمكّنهم من إقتناء أشياء لا يحتاجون إليها لإثارة إعجاب أناسٍ لا يطيقونهم ” .
وأختتم ” أحمد عبد الصبور ” قائلاً :
في الحقيقة توجد عدة أسباب جعلتني أبتعد فترة عن الصحافة في تلك الفترة الأخيرة ،،، أهمها :
- مشكلة المواقع الإلكترونية التي دائماً ما يحدث لها مشاكل وصعوبات وتحديات ، فإما تحجب لأسباب معلومة لدى الجميع ، أو يسقط السيرفر ويضيع الأرشيف للأبد ويضيع مجهودك الذي كان ثمار عدة سنوات ، أو يتم إغلاق الموقع نهائياً .
- عدم القدرة على منافسة الأخبار الصحافية الوهمية صاحبة العنواين البراقة الخاطفة والباحثة عن التفاهة … !!!
وهنا أتذكر ما كتبه ” ألان دونو ” أستاذ الفكر النقدي في العلوم السياسية في جامعة مونتريال ـ كندا ، في مستهل كتاب « نظام التفاهة » :
لقد سيطرت التفاهة على العالم حتى أصبح الحديث عن الثقافة ضرباً من العبث العقلي في العصر الراهن فالإنسان الحالي لا رغبة له في التأمل والتفكير ولا وقت له ، لذلك فلقد حاصره التافهون من كل حدب وصوب بالمشاهد وحاصروه بالصور حتى أصبحت الصورة هي الوسيلة الوحيدة للتفكير وأصبحت الكتابة غريبة في العصر الراهن وغدت الكلمات مشردة تبحث لها عن مأوى بين الأنامل فلا تجد … فقد إحتلت الصورة كل المواقع .
ويبدو التفكير اليوم غريباً في صحراء قاحلة لا ماء فيها وهو مهدد بالموت جوعاً وعطشاً ولا أحد من العابرين حوله يرغب في نجدته … لا أحد يريد أن يزعج نفسه بالتفكير فالتفكير يمثل مصدر إزعاج للجميع … الكل يتجنب التفكير مثلما يتجنبوا مرضاً خبيثاً … لقد قرروا وضع التفكير في الحجر الصحي خشية إصابة المجتمع بعدوى التفكير … فالتفكير كالفيلسوف يمثل تهديداً ليقين المجتمع الذي أسسه التافهون .