مسرحية في محطة مصر .. تعيد المسرح الشعري على خشبة مسرح تياترو آفاق
أحمد حمدي
يستعد مسرح تياترو آفاق بوسط البلد ، لتقديم المسرحية الشعرية ” في محطة مصر ” والمأخوذة عن المسرحية الشعرية ” ثنائية الليل والسكين ” للشاعر والمؤلف المتميز ” محمد المساعيدي “، وذلك خلال الأيام المقبلة في مطلع الشهر القادم، والعرض المسرحي من تقديم فريق صوت الجنوب.
مسرحية ” في محطة مصر ” بطولة كلاً من :
أحمد عبد الصبور ، مجدي عبد الحليم ، حمادة شوشة ، دينا عادل ، عماد أبو العنين ، مريم موسى ، ميشيل نبيل ، موني فرج ، ماري محفوظ ، سميح ولسن ، علاء رمضان ، سامي سلوم ، سلوى ميلاد ، بيشاي ميلاد ، بيتر سمير … وغناء وعود : رامي حشمت .
والمسرحية من تأليف : محمد المساعيدي ، وإخراج : عريان سيدهم ، والمخرجان المنفذان : كرم بولس ، بيشوي حليم ، ومصمم الإستعراضات : سامي ثابت ، وموسيقى وألحان : ناصر الشباوي ، وإشراف فني : سلوى ذكري .
وفي تصرح للمخرج ” عريان سيدهم ” قال :
المسرح الشعري فن مهم من فنون الأدب … يعود إلى القرون القديمة، والمسرحية الشعرية نص يتم إعداده وفقاً لضوابط الشعر، أساسه القصيدة المقفاة … ومع الوقت طغى عليه المسرح النثري حتى إن الشاعر الإنجليزي ” وليم شكسبير ” إستخدم النثر في بعض مسرحياته.
وفي مصر كان أمير الشعراء ” أحمد شوقي ” رائداً لهذا الفن في مسرحياته : « مجنون ليلى » و « عنترة » و « كليوباترا » … كما برز شعراء آخرون في فترة الستينيات منهم : ” عزيز أباظة ” و ” عبد الرحمن الشرقاوي ” و ” نجيب سرور ” و ” صلاح عبد الصبور ” .
ولأننا نمتلك هذا التاريخ في المسرح الشعري ، يثار التساؤل الآن : لماذا توارى ولم يعد ظاهراً في واقعنا الأدبي كما كان ؟!
ثم أضاف المخرج ” عريان سيدهم ” قائلاً :
إن المسرح يعد إنعكاساً لحقيقة الحياة وتغيرات الظروف المادية للحياة الإجتماعية والسياسية والفكرية، فهذه المسرحية هي إستنطاق للذاكرة المركبة والممتدة بإعتبارها فيضاً للتقلبات الفكرية والجسدية بكل طروحاتها البلورية، حيث تعج بقضايا إنسانية مرتبطة بالمكان والزمان، فالإنسان في هذا العمل الدرامي يعيش صراعاً داخلياً وخارجياً، لأنه بات يحيط به من كل جانب، هذا الوحش المعولم وهذه الهيمنة في التصورات والأفعال البشرية التي تفقأ العين.
فمسرحية ” في محطة مصر ” هي إختيار طقوسي يتجاوز المألوف، وهي فضيلة معرفية لكل إنسان حكيم ومتعالي، لأن الأصل هو ذاته وهو كذلك تجلياته أو تجسداته كأشكال وطرق من التفكير والتعبير، فليس الأصل بكلمة ثانية روحاً وجوهراً وحسب، وإنما أيضاً تاريخ الأشكال التاريخية التي يتجسد فيها الأصل فهي ما تسميه بالثقافة أو الحضارة.
وفي تصريح للشاعر والمؤلف ” محمد المساعيدي ” قال :
أتذكر ما قاله أسطورة المسرح الشعري ” صلاح عبد الصبور ” :
[ المسرح لا يُكتب إلا شعراً ] …
فالشعر من وجهة نظره ضرورة في المسرح، وهو أقدر من النثر على تجسيد الصراع الدرامي، لكن يبدو أن كثيرين لا يشاركونه الرأي فمعظم المسرحيين لدينا ليسوا شعراء، والشعراء لا يميلون لكتابة النصوص المسرحية إلا قليلاً.
إن المسرح الشعري فن صعب لأنه يحتاج إلى تحقيق المعادلة بين الشعر والدراما … ومن أسباب إختفائه أنه لا يوجد كثير من الشعراء يكتبونه في الوقت الحاضر مثلما كان في فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي المنصرف، حيث كان هناك ثراء في الأعمال رفيعة المستوى سواء عربية أو مترجمة لكبار الشعراء أمثال : ” أحمد شوقي ” و ” نجيب سرور ” و ” صلاح عبد الصبور ” و ” فتحي سعيد ” ، ولكن حالياً هناك غياب لكتاب المسرح الشعري الذين يستطيعون نقل أحاسيسهم للمتفرج بالإضافة إلى عدم إتقان الممثل للغة العربية وعدم إقبال المخرجين على تقديم هذه النوعية من المسرحيات، كما أن الجمهور لم يعد لديه شغف لهذا النوع من الفن، فرغم وجود نصوص لكبار الشعراء لكن الكوادر غائبة.
ويضيف ” محمد المساعيدي ” قائلاً :
أن هناك أسباباً عدة وراء تواري الشعر المسرحي منها عدم تشجيع الشعراء الذين كتبوا المسرحيات الشعرية لتقديمها على خشبة المسرح وهذا يفقدهم حماستهم لإستكمال المسيرة … ومنها وجود مشكلات في الإخراج فهناك عدد قليل من مخرجي المسرح الذين يجيدون إخراج هذه النوعية من المسرحيات … ومنها أيضاً ضعف إتقان الممثل للغة العربية … وعدم الإكتراث برعاية الدماء الجديدة التي يعتمد عليها لدفع الحركة المسرحية لقيام نهضة المسرح الشعري … فلو تأملنا المسرح الشعري العالمي نجد بلاداً متقدمة مازالت تقيم مهرجاناً سنوياً لشعرائها مثل ” شكسبير ” في إنجلترا ، بغرض تعريف الأجيال الجديدة بتاريخهم ليستكملوا المسيرة.
وأكد ” محمد المساعيدي ” قائلاً :
إن أزمة المسرح الشعري تعود إلى عدم الإحساس بالهوية، وإنه ليس هناك إهتمام بالموسيقى وإمكاناتها الإيحائية وبالتالي عدم إهتمام بالمسرح الشعري، مشيراً إلى أنه يعتبر غياب المسرح الشعري في الفترة الحالية إشارة خطر … فالمشهد خال من النصوص الشعرية، وإن وجد شعراء كـ ” فاروق جويدة ” الذي قدم مسرحية شعرية منذ أكثر من عام لكنها لم تعرض .
ويشير ” محمد المساعيدي ” إلى أن هذه الأزمة لا تقتصر على مصر بل تتجاوزها إلى الدول العربية التي كانت تحتضن المسرح الشعري بمختلف أنواعه سواء في سوريا أو العراق أو غيرها.
ويضيف أن السبيل للخروج من هذا النفق هو عودة إهتمام وزارة الثقافة بهذا النوع الأدبي وأن تقوم بدورها المنوط بها للنهوض به مرة أخرى عن طريق مراكزها الثقافية التي غابت طوال الفترة الماضية.