الإعلامي/ عبدالواحد فضل يكتب” ثقافة الإعتذار “
من منا لم يخطئ في حق الأخرين يومًا ما؟!
هل نمتلك ثقافة الاعتذار لمن اخطائنا في حقهم؟!
هل الاعتذار دليل ضعف أم قوة؟!
هل في الاعتذار جرح لكرامتنا واهانة لأنفسنا؟!
هل من العيب الاعتراف بأخطائنا والوعد بعدم تكرارها مع من نحب؟!
هل الاعتذار كلمات فقط مثل «انا اسف» أم أن هناك أشياء أخري أهم؟!
هل نحن في حاجة لتعلم كيف نعتذر؟!
هل للاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه فوائد؟!.
تساؤلات عديدة سيطرت على تفكيري قبل أن اكتب لكم مقالي هذا.
فالاعتذار ثقافة راقية قد لا يجيدها الكثيرون فهي فن وواحدة من أهم الثقافات في حياتنا اليومية وهي من شيم الرجال أقوياء الشخصية.
أن الاعتذار من ثقافة الإسلام القويم وتعاليم ديننا الحنيف وهي كفيلة بأن تزيل من الصدور الحقد والغل والحسد والعداءات وما نقع فيه من مشاحنات وخصومات ومشكلات نتيجة أخطاء وزلات لسان ترتكب بقصد أو بدون قصد «وكل أبن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون»
فالاعتذار سلوك حضاري وفن ومهارة اجتماعية تزيد الالفة والمحبة والتقارب بين جميع أفراد المجتمع. الاعتذار والتسامح خلق إسلامي نبيل وفرصة سانحة لتعميق الحب بين الناس ولا يجرح كرامتهم ولا ينتقص من منزلتهم بل له مفعول قوي في تذليل أي حواجز بين الأزواج وتعميق العلاقة بينهم. علينا الا نخجل من الاعتراف بالخطأ والرجوع للحق وإن نمتلك ثقافة الاعتذار لمن اخطائنا في حقهم فهي دليل قوة وتواضع وليس ضعف أو فشل أو اهانة للنفس أو جرح للكرامة.. يقول الله عز وجل «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين».
ويقول رسولنا الكريم محمد صل الله عليه وسلم في الحديث الشريف «أتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن». وفي الحديث دعوة للاستقامة وتجنب ارتكاب الأخطاء. ومن تعاليم ديننا الحنيف «لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه المسلم لأكثر من ثلاثة أيام» والاجر الأكبر لمن يبدا بالسلام والمصافحة والتصالح.
والنطق بكلمة آسف وحدها ليس بالأمر الكافي لأنه لا بد من صدق المشاعر والرغبة الحقيقية في إعادة المياه لمجاريها صافية لا يعكر صفوها أي رواسب. علينا أن ندرك جيدًا أن ضغوط الحياة والفهم الخاطئ لبعضنا البعض قد يتسبب في ارتكاب الأخطاء ولكن الحكيم والمتواضع والقوي منا وصاحب الاخلاق الحميدة هو من يتحمل مسئولية الخطأ ويمتلك ثقافة الاعتذار عنه. وإلا يطيل مدة الزعل حتى لا يتفاقم الموضوع ويتدخل في الصلح من يفسد أكثر مما يصلح. وللاعتذار والتسامح فوائد عدة فقد أثبتت الدراسات أن للاعتذار تأثير قوي على الصحة العقليّة والنفسية والتخلص من أي شعور بالعدوانية تجاه الشخص المخطئ والمساعدة على تجاوز الغضب والإساءة ونسيان ما مضي من الم واذي والتعاطف مع المخطئ عند تقديمه للاعتذار والتخلص من جلد النفس وتأنيب الضمير والاعتذار رادع قوي لتجنب تكرار الخطأ فالنفس البشرية دائمًا تشعر بالإهانة عند الاعتذار. علينا جميعًا كأولياء أمور تعليم أولادنا فن وثقافة الاعتذار واختيار الكلمات الصحيحة وان ننمي فيهم الشعور بالمسئولية تجاه اخطائهم. أمنحوا أولادكم الحرية في اختيار طريقة اعتذارهم للأخرين. فهم يعودون سريعًا فقد نغضب نحن الكبار ونجد أولادنا متصالحين مع اصدقائهم واقاربهم بأبسط الكلمات والاشياء. جميع البشر عرضة للوقوع في الخطأ فهم ليسوا معصومين من الخطأ كالأنبياء.
خلاصة القول.. داووا جرح القلوب المنكسرة بالاعتذار.. امتلكوا الشجاعة واعتذروا عن اخطائكم. كي تستريح نفوسكم وتسعد قلوبكم وتجيدوا فن التعامل مع الناس. اجبروا الخواطر واعلمو ان حياتنا رحلة قصيرة جدا فلا تضيعوها في البعد والخصام والجفاء والتعالي والتكبر. انزعوا من قلوبكم الحقد والغل والحسد والعداءات واستبدلوهم بالود والمحبة لكل الناس. اجعلوا مسيرة حياتكم مليئة بحب وفعل الخير لكم وللغير.. أتركوا أثرا طيبًا وسيرة عطرة تعيش بين الناس بعد الرحيل عن دنيانا الفانية فالسيرة تعيش أكثر من العمر.
وأخيرا…دمتم متحابين في الله سعداء مرتاحين البال قلوبكم عامرة بالإيمان. واعلموا ان الاعتذار هو جواز المرور لمشاعر أفضل بين القلوب المتحابة التي لا تفترق فصونوا قلوبكم وقلوب من تحبوا من الاذي حتى لا تفسدوا وتغلقوا أبواب الود والمحبة والالفة بينكم..
والله من وراء القصد
وهو الموفق والمستعان