مظاهرة في حب بيت السيدة لنهى الرميسي
رموز الفكر والثقافة في ليلة شتاء دافئة بصالون حكاوي الثقافي
تابع المظاهرة :
سماح السيد
و
عزت اشرف
في ليلة شتاء دافئة ظللتها سحب الحب والمودة والبهجة احتفل صالون حكاوي الثقافي فيما يشبه مظاهرة حب وتقدير وامتنان برواية بيت السيدة للاعلامية والاديبة والاذاعية القديرة وكبيرة مذيعات البرنامج العام نهى الرميسي ..ادار الندوة والامسية الرائعة المؤرخ والمبدع سيد الرشيدي ود منى حسين وناقش الراوية واشاد بها كل المحاورين ومنهم د سامي ناصف والكاتبة يسرا ذكري والكاتب الصحفي الكبير مؤمن الهباء والكاتب الصحفي صلاح شعير والكاتب الصحفي محمود سلطان والكاتب المهندس والقاص والناقد هشام العطار ود احمد ابراهيم مرعود والكاتب المهندس محمد فايز حجازي ود امل مصطفى محمود والاعلامية د شيرين وغيرهم واجمع الحاضرون من رموز الثقافة والفكر والادب في مصر والعالم العربي على اهمية وروعة و جودة الرواية التي تحكي تاريخ مصر ام الدنيا منذ الثلاثينات وحتى قيام حركة يونيو 1952 ووصفها البعض بانها فسيفسائية فنية دسمة عالجت بمشرط جراحها المعقم الكثير من مشاكلنا الاجتماعية الدقيقة ابان تلك الحقبة الزمنية من تاريخ ام الدنيا وطالب الحاضرون بتحويل الراوية الى فيلم سينمائي يرصد حقبة زمنية هامة ومؤثرة من حياتنا المصرية بكل دقة ومهارة وموهبة
واعربت الاديبة نهى الرميسي عن سعادتها الكبيرة بهذه الاحتفالية الثقافية الضخمة ووجهت شكرها لاصحاب صالون حكاوي الثقافي ولجميع ضيوف الندوة من رموز الفكر والثقافة الذين شاركوا ووفدوا اليها من مختلف محافظات مصر ومنهم من جاء خصيصا من مدينة الثغر الاسكندرية عروس البحر الابيض المتوسط وتكبد مشقة السفر اعجابا بالرواية
مما يذكر ان رواية بيت السيدة حازت اعجاب كثير من النقاد والادباء عقب طرحها وعلى راسهم د محمد ابو الفتوح غنيم الذي ابدع انطباعية لرواية “بيت السيدة” للروائية والإعلامية أ. نهى الرميسي
وكتب د. محمد أبو الفتوح غنيم قائلا عن الراوية
بعض الروايات تغنيك عن فنون الأدب الأخرى، أو تأخذك منها؛ لتصبح أسيراً لها، مأخوذاً بها، مجذوباً إليها، وذلك عندما تحمل في طياتها سمات هذه الفنون، فالحدث، أو الموقف، الذي تقوم عليه القصة تجده فيها يرفع رأسه كل حين، والدراما والحوار قواما الفن المسرحي يتجولان في أروقتها وعليهما تقوم، والخيال الشعري والتعبير المجازي والايقاع الموسيقي، وهما أدوات الشعر ومفرداته، قد تجد أماكن لها في رحاب الرواية الواسع، كما يستع رداؤها لاستيعاب المقال النقدي والتحليلي، بل قد تمتد مظلة الرواية لتشمل فنون حديثة كفن السينما كما في مشاهد استدعاء الذكريات من الماضي “الفلاش باك“، جميعها قد يستوعبها رداء الرواية الفضفاض وعالمها الرحب.
ورواية “بيت السيدة” للأستاذة الأديبة والإعلامية نهى الرميسي من هذه النوعية من الروايات الفسيفسائية، ولوحة فنية تأثيرية الطابع تجمع ألواناً من الفنون.
ولأن للعناوين دلالاتها، فعنوان الرواية “بيت السيّدة“، قد لا يشي بدلالته إلا إذا تعمقت في الرواية وأبحرت فيها، لتصل في النهاية إلى تساؤل يرفع رأسه أمام وجهك، هل المقصود ببيت السيدة ذلك البيت الذي يقع في حي السيدة، والذي صاحب أجيالاً من الأشخاص والتحولات بداية من والد سالم، مروراً بسالم، ثم ابنه فتحي، وانتهاءً بأخت فتحي وأبناء فتحي، وعاصر أحداثاً وتعرض لتحولات بداية من تطفلات، ثم تدخلات، ثم توغلات وانتهاءً بالإزالة والهدم لتقم مقامة عمارة سكنية عالية تعلوها لافتات ولوحات اعلانية عن شركات وغيرها، أم أن المقصود أبعد من أن يتجسد في تلك البناية وهذا الموطن الصغير، ليشمل الوطن الكبير ، بيت مصر، أو بيت المصريين جميعاً، وما شاهده من تحولات وتغيرات تاريخية وسياسية واجتماعية وما مرت به من أحداث وشخصيات. ولن يستغرق القارئ الواعي وقتاً طويلاً حتى يدرك ما تقصده الكاتبة من وراء هذا العنوان ومدلوله.
وان كان بيت السيدة محور الرواية وعنوانها، فقد زاحمته ولازمته على فترات لوحة فنية معبرة عن حال صاحب البيت، وربما عن حال أجيال، أو عن حال شعب بأكمله، وموضوعها “موضوع السطو بالغش والخداع الذي يُمارس على ابن العائلة الثرية، الذي يبدد ثروتها على ملذاته“، كانت هذه اللوحة بؤرة الرواية وعمود خيمتها، وقامت عليها التقنية الفنية للرواية، والتي اتبعت الاسلوب الدائري، الذي ينتهي آخره بما بدأ به أوله، وكانت البداية من انتقال هذه اللوحة من بيت عبد الحميد بك فتحي إلى بيت سالم الخطابي “بيت السيدة“، وفي النهاية انتقال اللوحة من بيت السيدة على يد فتحي الخطابي إلى بيت زوجته نادية، ومن ثم محاولة بيعها في باريس للاستفادة من ثمنها في استعادة مجدهما القديم وكيف شكك خبراء في اصالتها، وكيف أكد خبراء آخرون على أصالتها لتنتهي قصة اللوحة مع “انتحار” نادية زوجة فتحي في باريس أو هكذا قيل. وكلاهما، بيت السيدة واللوحة يصلح أن يكون عنواناً للرواية كما كان كلاهما محورا الرواية، وكلاهما له دلالته الرمزية والفنية، ولكن تفضيل الكاتبة لعنوان “بيت السيدة كان أكثر توفيقاً وأكثر تعبيراً ودلالة على المقصود الكامن في الرواية.
والرواية كما أنها فسيفسائية فنية، فهي فسيفسائية في موضوعها، فهي تاريخية، وسياسية، وانسانية واجتماعية، وجغرافية (الحضر والريف)، كل هذا يمكن إدراكه من خلال الأحداث وبنائها وتسلسلها، والمواقف وتعددها، والأشخاص وتنوعهم الإجتماعي والطبقي والنفسي والسلوكي.
الرواية تغطي فترة تاريخية من أهم فترات تاريخ مصر الحديث، وهي الممتدة منذ عام 1923 وتنتهي في نهاية السبعيات من القرن العشرين، لتمر بأحداث تاريخية مهمة، مثل: دستور عام 1923، ودستور 1936، و “حركة الضباط” أو ثورة 1952، مرورا بأحداث وسياسات ما بعد ثورة يوليو، وتوابعها على المجتمع المصري بشرائحه المختلفة، ثم هزيمة 1967م، وعودة الروح بانتصار اكتوبر 1973م. فهل يمكن تصنيفها بناءً على ذلك بأنها رواية تاريخية؟ الجواب في اعتقادي أنها تتناول التاريخ وأحداثه خلال هذه الفترة، بموضعية، وحيادية، وانصاف، ليس بقلم المؤرخ بل بمبضع جراك وبقلم أديب، وبألسنة البشر، من وراء ستار شخصيات خيالية تتباين آراؤهم، وثقافاتهم، وتشكيلاتهم الاجتماعية، وكانت البداية من دستور 1923، ثم دستور 1936م، ومروراً بحركة الضباط الأحرار، أو ثورة يوليو 1952، وما صاحبها من سلبيات، ومنها التدخل في تعيين شيخ الأزهر، وتجاوزات بعض ضباط ثورة يوليو في تطبيق قوانيين الاصلاح الزراعي والتنفيذ العشوائي لها، وآثارها السلبية على الناس والأرض، كانتزاع أراض من سالم وهي ميراثه الشرعي من أجداده الذين نموها من حر مالهم وفلَاحهم، ولم يحصل عليها عن طريق السّطو أو الهبة كحال البعض“، فكان أن مرض بالقلب حزناً عليها وتوفي بسبب مرضه، وتجاوزات لجنة مصادرة الأموال والاستغلال الفاسد للسلطة، فيتغاضى “سمير شعلان” اليوزباشي في لجنة المصادرات عن تنفيذ بعض القرارات مقابل طمعه في الزواج من “ملَك“، هانم إحدى هوانم ما قبل الثورة، الذي كان اصراره على الزواج منها، رغم أنه متزوج، بمثابة أمر رسمي لابد من تنفيذه، حتى إذا رفضت طلبه قبض البوليس الحربي على ابنها “أشرف” ضمن حملة الاعتقالات ضد الشيوعيين والاخوان المسلمين عام 1959، مما اضطرها ترضخ لطلبه إنقاذاً لفلذة كبدها، ثم زواجه السري من “نادية” الزوجة فتحي السابقة، واستغلاله لها، تحت وطأة الظلم والقهر، في تهريب المجوهرات والتحف واللوحات الفنية والمقتنيات الثمينة، التي كان يتم مصادرتها من قصور الأثرياء وأمراء الأسرة العلوية إلى الخارج.