كتب : عزت اشرف
تقول مها عبد الظاهر ابو نبوت مؤلفة الرواية عنها : ان الرواية التي بين أيديكم ليست مجرد كلمات على ورق، بل هي حكاية متشابكة التفاصيل، حيث يروي كل حرف فيها قصة قائمة بذاتها. كل صفحة تنقل أحداثاً عاشها شخص حقيقي بصراعه مع ذاته وقلمه. كل كلمة تجسد تحدياً ومواجهة، وكل شخصية تعبر عن شعور نبض داخلياً. هذه الرواية ليست مجرد كتاب يحمل بين طياته غلافاً وقصة، بل هي أكبر بكثير من ذلك. كل صفحة ستقرؤها في دقائق معدودة، كنت أعيشها شهوراً وسنوات. كل حرف كُتب كان وراءه دموعٌ لا تحصى، ويأسٌ لا ينتهي، وإحباطات متكررة. كانت رحلة مليئة بالتقلبات بين القبول والرفض، بين النقد والتشجيع، بين ساعات ليلٍ طويلة يتجول فيها الخيال بحثاً عن مهرب من واقع أُهدرت فيه الأحلام. إلى عالمٍ جديد تكون أنت بطله، تتحكم في الأحلام بدلاً من أن تتحكم هي فيك. من صفحة إلى أخرى، كنت أشعر كأنني فراشة تائهة وسط غابة كثيفة، تبحث عن زهور الربيع وتتحدى عثرات الطريق. وبعد جهدٍ شاق استمر لأربع سنوات، وصلت إلى الحلم الذي لطالما رافق طفولتي، وتحول إلى واقعٍ ملموس. كنت دائماً أقول لنفسي: “إذا لم تصل إلى حلمك، اجعل ما اختاره لك القدر حلمك الجديد.” فالأحلام تتجدد، وكل لحظة صعبة ستمر، وكل دمعة ستصبح نقطة تحول. شكراً لكل من شجعني وقال لي: “أنتِ قادرة على تحقيقه.” شكراً لكل من انتقدني، فقد كان النقد سبباً في أن أطور نفسي وأسعى جاهدة لإثبات أنني أستطيع. كنت أريد أن أثبت لنفسي قبل أي أحد أنني قادرة على تحويل المستحيل إلى واقع، وأن أخلق من المعجزات أشياءً حقيقية. فكما تبدأ الشجرة من بذرة صغيرة، تمتد فروعها يوماً لتغطي المكان بأكمله. أرض البليوم المجهولة هي رواية فانتازيا استلهمتها من الواقع، تعبيرًا عن تأثري بما شهده العالم عبر العصور، القديمة والحديثة، من حروب وصراعات. كما أن الأحداث التي يشهدها وطننا العربي، وفلسطين على وجه الخصوص، كان لها النصيب الأكبر من التأثير على فكرتها. بدأت فكرة الرواية تراودني منذ أن كنت في السابعة عشرة من عمري، لكنها ظلت مؤجلة لسنوات عديدة لأسباب شتى. لم أكن أعلم كيف أبدأها أو كيف يمكنني نشرها، خاصة مع قلة الإمكانيات في الصعيد. ولكن عندما بلغت العشرينات، عقدت العزم على المضي قدمًا في الكتابة، مستعينًا بالله، على أمل أن يُحدث الله أمرًا فيما بعد. وبالفعل، وفقني الله، وبدأت في كتابة الرواية. منذ صغري، كنت مولعة بالخيال والأفكار الخارجة عن المألوف، لذلك اخترت أن أقدم رسالتي بأسلوب غير مباشر. الرواية تحمل في طياتها رسالة عميقة، وهي التحذير من تأثير الحروب وأثرها المدمر على البشرية، مع تسليط الضوء على تطور استراتيجيات الحرب من العصور القديمة حتى يومنا هذا، وما قد يحمله المستقبل من أشكال مجهولة للحروب. عنوان الرواية يحمل دلالات رمزية؛ فكلمة “البليوم” تعني باللغة اللاتينية “الحرب”، مما يجعل العنوان يشير إلى “أرض الحرب المجهولة”. الرواية تصور صراعًا للسيطرة على قوة كتاب سحري يمنح صاحبه القدرة على التحكم في العالم. وتدور أحداثها بين شخصيات تنتمي إلى الماضي وأخرى من مستقبل غريب، مع وجود السحر وكائنات خيالية تضفي على القصة عمقًا وتشويقًا. أما الشخصيات، فهي تجسد قيمًا وصفات مختلفة: • جايل: قائد الجيش، ويمثل قوة الدولة وجيشها. • فين: صديقه العالِم، ويمثل العلم والتقدم البشري. • سرينا: طبيبة تجسد دور الطب وأهميته في المجتمع. • إلدور: المعلم الحكيم، ويمثل دور المعلّم والأستاذ. • إليارا: البطلة، وهي تمثل جميع هذه القيم مجتمعة، بالإضافة إلى كونها رمزًا للمرأة في المجتمع ودورها في مواجهة الظلام. • ماسِن: سيد الظلام، شخصية مجهولة تمثل الشر، وتعكس واقعنا الذي نعجز فيه عن تحديد المسؤول الحقيقي عن الحروب أو أسبابها. الرواية تحتوي أيضًا على كائنات خيالية مثل “الأراكنيس”، التي تمثل الأسلحة والقوى التي يستخدمها الشر، بالإضافة إلى كائنات أخرى، بعضها صالح يساعد الفريق. أما الكتاب السحري، فقوته الحقيقية تكمن في كونه رمزًا للعلم والمعرفة، فالقراءة هي السحر الحقيقي، ونحن أمة أُمرَت بـ”اقرأ”. هذه هي رسالتي غير المباشرة التي حاولت إيصالها عبر الرواية، وربما لن تكون واضحة تمامًا بمجرد قراءة النص، لكنها تتكشف تدريجيًا لمن يغوص في أعماق القصة. قصتي مع المشاركة في معرض الكتاب هي حكاية مختلفة تمامًا، مليئة بالتحديات والمواقف التي تطلبت مني الكثير من الصبر والإصرار. بالطبع، لم يكن من السهل أن أجد دار نشر توافق على طباعة كتاب لكاتبة جديدة تخوض أولى خطواتها بأفكار خيالية. تعرضت للرفض من أكثر من دار نشر، وكان ذلك سببًا لإحباط شديد كاد يدفعني للاستسلام. بعد لحظات من البكاء واليأس، قررت أن أتحمل المسؤولية وأطبع الكتاب على حسابي الخاص. بالطبع، لم يكن توفير المبلغ اللازم أمرًا سهلاً، خاصة وأنا طالبة. لكني دائمًا ما أؤمن بأن “كل مر سيمر”، وأن الأحلام خُلقت لتتحقق. استعنت بالله وعملت على مواقع مهتمة بالكتابة مثل “خمسات” و”مستقل”، حيث كنت أساعد العديد من الأشخاص في مجال الكتابة والأبحاث العلمية من مختلف أنحاء الوطن العربي. تعلمت الكثير من خلال هذه التجربة، ورغم صغر سني، فقد كنت قادرة على التعامل مع المواقف الصعبة واعتماد نفسي كليًا. كنت عازمة على إثبات خطأ كل من شكك في قدرتي، أو اعتبر أنني أضيع وقتي في الخيال. أثبتت أنني قادرة على تحقيق المستحيل، وواصلت العمل رغم ضغط الدراسة. رحلتي مع اختيار دار النشر لم تكن سهلة أيضًا. وجدت بعض الدور التي كانت أسعارها باهظة، وأخرى لم أكن واثقة في مصداقيتها. شعرت بالخوف في البداية، لكنني توكلت على الله وواصلت البحث إلى أن وجدت مؤسسة الكاتب العربي، التي قدمت لي عرضًا مناسبًا لميزانيتي كطالبة غير موظفة. لم أكن أرغب في المخاطرة بأموال عائلتي، وأصررت على أن أعتمد على نفسي بالكامل، ليكون النجاح نابعًا من جهدي الشخصي وحده. عائلتي كانت دائمًا دعمي الأول. كانوا فخورين بي وبأحلامي، وساندوني طوال الطريق. أشكرهم من أعماق قلبي، خاصة أبي وأمي اللذين منحتني ثقتهما. وأخص بالشكر أخي الكبير الذي كان دائم الدعم لي، وبدعمه تجاوزت كل العقبات. بدأت رحلتي مع الكتابة منذ الطفولة، حيث كنت دائمًا شغوفة بالخيال والأفكار غير المألوفة. كان لدي الكثير من الأفكار التي للأسف نسيت بعضها مع مرور الزمن، وهو ما أعتبره خطأً، لعدم تدويني إياها في دفتر خاص. لكن العديد من تلك الأفكار لا يزال حاضرًا، وبإذن الله سأعمل عليها لتصبح روايات مختلفة ومشوقة تحمل رسائل عميقة. أنا مها عبدالظاهر، من محافظة قنا، صعيد مصر، مواليد 20/10/2002. أحلم أن أساهم في تغيير الصورة النمطية عن الصعيد، وإثبات أن أبناءه قادرون على بناء جيل واعٍ، مثقف، ومهتم بالكتب والعلم. رغم الصعاب والظروف التي قد تواجه الشباب، نحن قادرون على الإنتاج والإبداع. أرض البليوم المجهولة هي رواية من 145 صفحة. في الأصل، كانت الرواية تصل إلى 200 صفحة، ولكن بسبب ظروف الطباعة والتكلفة، تم ضغط المحتوى ليظهر في هذا الشكل. عملت على هذه الرواية لمدة أربع سنوات، رغم أن فكرتها كانت موجودة منذ وقت أطول. قررت أن أحارب كل الظروف لأخرج إبداعي إلى العالم، على أمل أن تجد الرواية من يقرأها ويتفاعل معها، وعلى أمل أن تصل رسالتي التي تؤكد أهمية العلم والقراءة كأدوات لتغيير الواقع. في عالم الأدب، كان الدكتور أحمد خالد توفيق هو الشخص الأكثر تأثيرًا في مسيرتي الأدبية. أفكاره كانت دائمًا تثير دهشتي، وكل قصة كتبها تحمل رسالة عميقة. كنت أتمنى دائمًا أن أكون مثله في الكتابة، وأن أستطيع تقديم أسلوب أدبي يحمل الطابع الخاص بي كما فعل هو. كما تأثرت كثيرًا بالكاتبة أجاثا كريستي، التي ألهمتني بكونها امرأة تميزت في مجال أدب الغموض والإثارة، وهو المجال الذي لطالما كنت شغوفة به. قدرتها على بناء أحداث مشوقة ومليئة بالألغاز جعلتني أهتم بأعمالها وأطمح إلى أن أحقق جزءًا من نجاحها. بالإضافة إلى ذلك، هناك عمالقة الأدب العربي الذين أثروا في ثقافتي، مثل طه حسين ونجيب محفوظ، وغيرهم من الكتاب العظماء. لكن اختياري للدكتور أحمد خالد توفيق كمثلي الأعلى يعود إلى كونه كاتبًا معاصرًا وفي نفس المجال الذي أطمح إلى التميز فيه. أسلوبه وطريقته في تناول الأفكار جعلته النموذج الذي أسعى إليه في كتاباتي. سبب اختياري لكتابة الروايات في مجال الفانتازيا أسبابها عميقة جدا 1. الفانتازيا توفر فرصة للهروب من الروتين اليومي والمشاكل الواقعية إلى عوالم مليئة بالإمكانيات والخيال اللامحدود. 2. يتيح هذا النوع الأدبي إطلاق العنان لخيالي، بحيث يمكنني بناء عوالم وقوانين جديدة لا تحدها قيود الواقع أو المنطق. 3. بالاضافة أن الفانتازيا توفر وسيلة لإيصال أفكار ورسائل عميقة من خلال رموز وأحداث خيالية، مثل تناول قضايا اجتماعية أو فلسفية بطريقة جذابة وغير مباشرة. 4. وأهمها كتابة الفانتازيا هدفها أيضًا تقديم قصص مشوقة وممتعة تنقل القارئ إلى مغامرات لا يستطيع خوضها في حياته اليومية، روايات الفانتازيا قد تحفز القراء على التفكير بطريقة مختلفة، وتفتح أمامهم آفاقًا جديدة للإبداع والتأمل. في النهاية أقدر اقول إن كتابة الفانتازيا بالنسبة ليا ليست مجرد تسلية، بل هي نافذة على… الاقتباسات من روايتي أرض البليوم االمجهولة 1 “بينما كانت النجوم تلمع فوق سماء أرض البليوم ، عرفوا أن لكل نجم قصة، ولكل بطل مصير ينتظر أن يُكتب” 2 “كل معركة نخوضها تترك أثرًا، لكن الأثر الأكبر هو ما نصنعه من جديد بعد أن يتلاشى الغبار وتشرق الشمس من جديد” 3″ عندما نظرت إليها تحت ضوء القمر، لم يكن العالم بحاجة إلى سحر آخر. كان يكفي وجودها بجانبي ليجعل كل شيء مضيئاً ومليئاً بالحياة” 4 “في قلب الظلام، كانت هناك لمسة من النور، تذكرنا بأن الأمل لا يموت” من خلال تجربتي اقدم نصيحتي لأي شخص يحب الكتابة و متردد إذا كنت تؤجل كتابة روايتك، تذكر أن القصة التي تحملها بداخلك فريدة ولا يمكن لأحد غيرك أن يرويها. إليك نصيحتي: “ابدأ الآن، حتى لو بدا الأمر صعبًا.” الكتابة لا تحتاج إلى الكمال منذ البداية، بل إلى الشجاعة للبدء. خصص وقتًا يوميًا ولو كان 10 دقائق، واكتب بحرية دون التفكير في النتيجة النهائية. كل كلمة تكتبها تقرّبك خطوة نحو حلمك. تذكر أن أعظم الروايات بدأت بفكرة بسيطة وربما مشوشة، لكن العمل المستمر هو ما حوّلها إلى أعمال خالدة. اجعل الكتابة جزءًا من حياتك اليومية، وسترى كيف تتحول فكرتك إلى واقع. رواية أرض البليوم المجهولة إصدار حديث بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2025 دار النشر: مؤسسة الكاتب العربي الموقع صالة2 : C53 هناك، بين أرفف الكتب، تنتظر الرواية من يكتشفها، من يتصفح صفحاتها ويغوص في عوالمها، ليجد كتابًا كتبته رسولة الخيال مها عبدالظاهر. أرض البليوم المجهولة …….. هي ليست مجرد رواية، بل رسالة، وحلم كُتب بإصرار وشغف.