منوعات

العايق” في قصر الأمير طاز قراءة معاصرة للتراث

تالق اشرف فاروق وابداع نور عفيفي واميرة عز الدين و كل ابطال المسرحية ومفاجاة العرض عادل مراد

 

كتب عزت اشرف

في قلب المشهد المسرحي المصري المعاصر، يطل علينا عرض “العايق” من قصر الأمير طاز، ليقدم قراءة جديدة لحكاية “علي الزيبق والمقدم دليلة” الخالدة. اللافت في هذا العمل ليس فقط جرأة التناول المعاصر لهذا الموروث الشعبي، بل أيضاً  التالق الكبير للنجم اشرف فاروق وباقي فريق العرض  المسرحي وتالق الملفة اميرة عز الدين  وكذلك الحضور المميز لقامة فنية بحجم الفنان القدير عادل مراد وكانه ضيف شرف، في دور الخطاف وهو ما يستدعي وقفة تأمل في دلالات هذا الحضور وتأثيره على العمل، خاصةً في ظل قيادة المخرج الشاب الموهوب نور عفيفي، وبمشاركة نخبة من الممثلين المتألقين، وبإبداع الكاتبة المتمكنة أميرة عز الدين.

ا

نور عفيفي: قيادة واعدة برؤية معاصرة

يقود هذه التجربة المخرج الشاب نور عفيفي، الذي يسعى إلى تقديم “علي الزيبق” و”دليلة” بروح جديدة تتجاوز السرد التقليدي. وقد نجح عفيفي في تجميع فريق فني يضم نخبة من المبدعين، ليقدموا معاً عملاً يسعى إلى استكشاف آفاق جديدة في التعامل مع التراث.

إبداع الكاتبة أميرة عز الدين: إعادة صياغة الأسطورة بروح معاصرة

يُعد نص مسرحية “العايق” بصمة إبداعية للمؤلفة أميرة عز الدين، التي استلهمت العمل من روايتها التي تحمل الاسم ذاته. لقد نجحت عز الدين في إعادة صياغة هذه الحكاية الشعبية العريقة بروح معاصرة، مانحةً الشخصيات والأحداث أبعاداً جديدة تتلامس مع قضايا وتساؤلات عالمنا الحالي. إن قدرتها على الحفاظ على جوهر الحكاية التراثية مع تطعيمها برؤية فنية حديثة، يمثل عنصراً أساسياً في جاذبية “العايق” وقدرته على التواصل مع مختلف الأجيال.

باقة من النجوم تتألق: أشرف فاروق ورفاقه

وعلى رأس هذه الباقة المتألقة يقف النجم المسرحي الكبير أشرف فاروق، الذي يضفي بحضوره الطاغي وخبرته العميقة ثقلاً وجمالاً على العمل. إن قدرة فاروق على تجسيد الشخصيات ببراعة وإحساس مرهف تمنح “العايق” عمقاً فنياً خاصاً، وتجعله نقطة ارتكاز للأداء التمثيلي في العرض.

وإلى جانبه، يبرز أداء باقي النجوم المشاركين، كل منهم يضفي لمسته المميزة على نسيج العمل. فالفنان محمد سعيد يقدم حضوراً لافتاً، بينما تمنح الفنانة القديرة ماجدة اللبان العمل وقاراً فنياً خاصاً. وتتألق الشابات آيتن محمد ونورا فياض بحيوية وأداء معبر، ويقدم عبد الرحمن البارودي وأحمد سليمان وعمرو حسام (بونو) أدواراً مؤثرة تسهم في إثراء الأحداث. كما لا يمكن إغفال الحضور اللافت للفنانة بهجة والممثلين محمد البدر ومحمود عوض، بالإضافة إلى الموهبة الطفلة ريتال التي تضفي براءتها لمسة إنسانية خاصة على العمل.

بطال العرض  “مجموعة جميلة جداً من المواهب والشطارة والصدق والتناغم” يرسم صورة لفريق عمل متكامل ومتجانس. هذا يشير إلى:

  • مواهب متنوعة: وجود مجموعة من المواهب المختلفة يثري العرض ويقدم أبعاداً متنوعة للشخصيات الأخرى في القصة. كل ممثل يضيف لمسته الخاصة ويساهم في بناء عالم المسرحية.
  • شطارة في تجسيد الأدوار: “الشطارة” هنا تعني القدرة على فهم متطلبات الدور وتقديمه بمهارة وإبداع، سواء كانت أدواراً رئيسية أو ثانوية. هذا يدل على وجود ممثلين متمكنين من أدواتهم وقادرين على تجسيد شخصياتهم بشكل مقنع.
  • صدق في الأداء الجماعي: ذكرك لـ “الصدق” لا يقتصر فقط على الأداء الفردي، بل يمتد ليشمل التفاعل بين الممثلين. الأداء الصادق كمجموعة يخلق مصداقية للعلاقات والصراعات على خشبة المسرح، ويجعل المشاهدين يندمجون بشكل أكبر في القصة.
  • التناغم كفريق: “التناغم” بين الممثلين يعكس وجود رؤية إخراجية واضحة وجهوداً مشتركة لخلق وحدة فنية على خشبة المسرح. عندما يكون هناك تناغم، يشعر المشاهد بأن الممثلين يستمعون ويتفاعلون مع بعضهم البعض بصدق، مما يعزز من قوة المشاهد وتأثيرها.

مفاجاة العرض القدير عادل مراد

اما مفاجاة العرض فهي مشاركة الفنان القدير عادل مراد واحد من زمن الفن الجميل و الذي بدا مشواره  الفني من اكثر من 30 عاما ليقترب من نصف قرن بالتمام والكمال  ومشاركة فنان بحجم عادل مراد، الذي يمتلك سجلاً حافلاً بالإنجازات في المسرح والسينما منذ زمن الفن الجميل،  حتى لو  ظهر في مشهد واحد يمثل إضافة نوعية لهذا المشروع الطموح.  فهو فنان عاصر عمالقة الكوميديا وترك بصمته كمخرج مبدع في أعمال مسرحية عديدة منها على سبيل المثال “أنا اللي حبتني مصر” و”النصابين الثلاثة” و”الثلاثة نصابين” وغيرها من الأعمال التي أكدت على قدرته الإخراجية المتميزة، يمثل حضوره في “العايق” جسراً فنياً يربط بين خبرة الماضي وتطلعات الحاضر. ورغم أن دوره يأتي تحت مسمى او اقرب لضيف شرف”،  برغم امكانياته وموهبتة الفنية الطاغية إلا أن قيمة هذا الحضور تتجاوز مجرد الظهور العابر، ليضفي على العمل هالة من الاحترام والتقدير لتاريخ المسرح المصري.

فقد لعب الفنان القدير عادل مراد في دور “الخطاف”: تجسيد متقن لشخصية محورية

فقد  استطاع أن يجسد شخصية “الخطاف” بعمق وتفرد. وهذا  يؤكد انه بظهورة في مشهد واحد يعبر عن الاتي :

  • إتقان في فهم الشخصية: من الواضح أن الفنان عادل مراد قد فهم أبعاد شخصية “الخطاف” بشكل كامل. لقد استوعب دوافعه وخلفيته النفسية وتاريخه في سياق قصة “علي الزيبق”. هذا الفهم العميق للشخصية هو الأساس لتقديم أداء مقنع.
  • احترافية في التنفيذ: الاحترافية تظهر في كل تفاصيل الأداء، بدءاً من طريقة النطق والحركة، مروراً بتعبيرات الوجه ولغة الجسد، وصولاً إلى التفاعل مع باقي الممثلين. إشادتك تشير إلى أن الفنان عادل مراد كان دقيقاً ومتمكناً من أدواته كممثل، وقدم أداءً سلساً ومؤثراً.
  • براعة في التعبير: البراعة تكمن في القدرة على إيصال المشاعر والأفكار المعقدة للشخصية بطريقة مؤثرة تلامس الجمهور. يبدو أن الفنان عادل مراد قد نجح في نقل جوهر شخصية “الخطاف” بكل ما تحمله من تعقيدات أو شر أو ربما حتى جوانب إنسانية خفية، وذلك ببراعة فنية لافتة.

العناصر الفنية: سعي نحو التكامل البصري والسمعي

تكاملت في “العايق” عناصر فنية أخرى سعت إلى إثراء التجربة المسرحية، من أشعار طارق عمار إلى ألحان عمرو العدوي وسينوغرافيا مونيكا مدحت وتصميم رقصات محمد سعد، كلها سعت لخدمة الرؤية المعاصرة للحكاية التي نسجتها ببراعة أميرة عز الدين.

قراءة معاصرة للتراث: أفكار عميقة تستحق التوظيف الأمثل

يحمل “العايق” في طياته محاولة جادة لتقديم قراءة معاصرة لحكاية شعبية تحمل الكثير من الدلالات، وفي هذا السياق، كان ينبغي الاستفادة بشكل أكبر من القدرات التمثيلية الكبيرة للفنان القدير عادل مراد. وبتضافر جهود المخرج نور عفيفي وباقة النجوم المتألقة، وكلمات المؤلفة المبدعة أميرة عز الدين، يبقى الأمل معقوداً على أن يقدم هذا العمل تجربة فنية مميزة تليق بتاريخ المكان وقيمة المشاركين فيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى