منوعات

غادة العسكري: اعمالي التشكيلية من التراث التونسي والمرأة رمز الهوية

سندريلا الفن التشكيلي التونسية

 

حوار عزت اشرف

غادة العسكري ، فنانة تشكيلية تونسية شابة  عصامية التكوين . نشأت في كنف عائلة فنية ، حيث شكلت بيئتها الإبداعية الأولى لبنة أساسية في مسيرتها ، متأثرة منذ صغرها بأسلوب والدها الفنان التشكيلي الراحل حامد العسكري . حتى أصبح مرجعها وملهمها الأول . عضو في إتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين منذ سنة 2022 وتحصلت على شهادة إحتراف في الفن وعن مشوارها الفني واحلامها كفنانة تشكيلية تونسية موهوبة كان هذا الحوار معها

 

التشكيلي من وزارة الشؤون الثقافية سنة 2024. 2/من شجعك وأخذ بيدك لتنمية هذه الموهبة ؟ والدتي كانت ولا تزال الداعم الأساسي لي ، وهي التي آمنت بموهبتي منذ بداياتي . وكان لإيمانها بي أثر بالغ في مواصلة المسير رغم كل العراقيل والصعوبات التي إعترضت طريقي ولا تزال . أما والدي ، فكان الملهم والمعلم الأول . كان مدرسة قائمة بذاتها ، ومسيرته الفنية كانت الركيزة التي بنيت عليها حلمي الفني 3/ ما أبرز الصعوبات والعراقيل التي واجهتك في بداية مشوارك الفني؟

.من أبرز العوائق التي واجهتها، هي النظرة المحدودة للمواهب الفطرية في بعض أوساط المشهد الفني التونسي. ما زال يُنظر للعصامية كمسار غير مكتمل، ويُمنح التقدير غالبًا لمن يحمل خلفية أكاديمية. رغم أن المشاركة في المعارض والانخراط في الجمعيات متاح، إلا أن الاعتراف الحقيقي يبقى غالبًا حكراً على خريجي معاهد الفنون الجميلة. في هذا السياق، يبدو وكأن الشهادة الأكاديمية هي وحدها ما يشرّع الانتماء للمجال، بينما يُنظر للفنان العصامي كعنصر خارج النظام.” 4/ هل الموهبة الفطرية هي أساس الإبداع أم أن الدراسة ضرورية لصقلها؟
أؤمن إيمانا مطلقا بأن الموهبة الفطرية هي جوهر الإبداع وهي الشرارة الأولى التي لا يمكن زرعها أو استنساخها . هي معجزة إلهية لا تكتسب بالتدريب . الدراسة في أحسن حالاتها ، قد تهب للفنان أدوات معرفية وثقافية تعينه على التوجه . لكنها لا تخلق روح الإبداع ، بل وللأسف ، قد تتحول المؤسسات الأكاديمية اليوم إلى قوالب جاهزة تحاول قولبة الفنان الموهوب وتفصله على مقاسها، فتصادر تلقائيته وتحجب نوره الفطري. الخطأ الذي نعيشه اليوم هو أن جل المؤسسات الأكاديمية تحاول فرض أسلوب واحد وتوجيه الفنان العصامي لتغيير طريقه بدل أن تدعمه وتحافظ على تفرده . 5/ هل يمكن لأي شخص أن يصبح فنانا تشكيليا بالدراسة ؟؟
الفن بالنسبة لي ، ليس صنعة تعلم ، بل موهبة تولد مع الإنسان ومن لا يمتلك تلك الفطرة ، سيظل أسير الحرفة ويرسم دون روح . يتحرك كآله تنتج أشكالا دون أن تحمل مضمونا أو رسالة . أما الجامعة فهي وسيلة فقط ، لا أكثر ، أداة تساهم في تهذيب الموهبة لا في خلقها ، وتظل دوما في خدمة من يمتلك شرارة الإبداع ، لا من يسعى لإقتباسها دون إمتلاكها أصلا
. 6/ هل للإيمان دور في عطائك الفني ؟
بلا شك ، الإيمان هو جذر الإلهام ، الفنان الذي لا يؤمن بما يفعل ينتج شكلا بلا جوهر، في تجربتي ، الإيمان ليس فقط مصدر إلهام ، بل هو قوة ، دفعتني للإستمرار ، للصمود وهو يشكل النواة التي ينطلق منها التعبير الفني .

 

/ من أين تستوحين مواضيع اللوحات التي ترسمينها ؟
تنهل أعاملي التشكيلية من التراث التونسي الأصيل ، الذي أعيد قراءته بصريا في قالب معاصر . حيث تتجلى ملامحه من خلال إستخدامي للزخارف الهندسية والرموز. الثقافية كالشاشية والعود والملابس التقليدية مضيفة على اللوحة لمسة حداثية . انتهج في فني مقاربة بصرية معاصرة للتراث الإسلامي ، متعدد الجذور ، مستلهمة من الزخارف والنقوش الأندلسية ، الفارسية ، العثمانية ، المغاربية و”الجليز” حيث أمزج بين الزخارف النباتية والهندسية ضمن سرد تعبيري يترجم المشاعر والرؤى . تحضر المرأة في أعمالي كرمز للهوية ، للذاكرة ولحضور حضاري متجذر ويظهر العود كأداة ليست فقط موسيقية ، بل كرمز ثقافي يحمل في أوتاره الحنين والروح الشرقية . أسعى من خلال فني الى اعادة إحياء جماليات التراث الإسلامي ، عبر تناغم بصري يجمع بين العناصر التقليدية والأساليب الحديثة ، في رحلة فنية روحية تخاطب الذاكرة .
8/الفنانون التشكيليون المفضلون لديك ؟؟
حامد العسكري ، عادل مڨديش ، محمد راسم ، حسين بيكار ومصطفى الحلاج ، هؤلاء الفنانون التشكيليون الذين أكن لهم إعجابا خاصا ، لما قدموا من إحياء أصيل للتراث برؤى فنية معاصرة . د9/ المعارض الفنية التي شاركت فيها ؟؟ معارض جماعية تحت إشراف اتحاد الفنانين التشكيليين ووزارة الشؤون الثقافية معرض جماعي بقاعة “ألكسندر روبتزوف” بالمرسى معرض جماعي بسوسة معرض بتونس العاصمة بإشراف جمعية البديل الثقافي معرض “ألوان المدينة” بالمدينة العتيقة بتونس، ضمن فعاليات الشهر الوطني للفنون التشكيلية تحت. إشرف إسقيفة للفنون معرض جماعي بدار الثقافة ابن رشيق تونس سنة 2024 معرض دولي بالعراق سنة 2023 ومعرض حديث ببلجيكا و
10/هل ورث أحد أقارب عائلتك عشق الفن التشكيلي ؟
نعم ، لقد ورثت أنا وأخي وشقيقتاي عشق الفن التشكيلي عن والدنا ، فقد نشأنا جميعا في بيئة فنية بإمتياز . حيث كان حضور الفن جزءا لا يتجزأ من تفاصيل حياتنا اليومية . مكتبة والدي الزاخرة بكتب الفن شكلت مرجعا مبكرا لنا ، وزياراتنا المتكررة الى المعارض ، منذ سنوات الطفولة ، عمقت وعينا الفني . أما ورشة والدي فكانت فضاءنا الأول للتجريب والإكتشاف ،كما كانت والدتي بدورها تشارك والدي العمل في نفس الورشة ما جعل من الفن رباطا عائليا وثيقا لا مجرد موهبة فردية . 11/ مكانة الفنان المحلي ماديا ومعنويا ؟؟
لا يزال الفن التشكيلي عاجزا عن أن يكون مصدر دخل مستقر يضمن للفنان حياة كريمة . فالمجتمع بمؤسساته وأفراده ، لم يعترف بعد بالفن التشكيلي كمنهة قائمة الذات تضاهي سائر المهن من حيث القيمة والدخل . وهذه معضلة حقيقية ، لأن هذا الفن لا يمارس على الهامش ، بل يتطلب تفرغا كاملا ، وجهد مضنيا ووقتا طويلا لإنجاز الأعمال وتنسيق المعارض والمشاركة فيها . شخصيا، أمضي مالا يقل عن ثماني ساعات يوميا في العمل على لوحاتي وغالبا ما تكون هذه الساعات متواصلة دون إنقطاع ، نظرا لما تتطلبه أعمالي من دقة وتفاصيل . لقد تمكنت من بيع عدد من لوحاتي داخل تونس وخارجها ، لكن هذا لم يكن بالأمر السهل ، بل إستغرق وقتا وصبرا طويلا للتعريف بفني . كما أن معظم أفراد المجتمع العربي لا يقدرون الفن التشكيلي بالشكل الذي يستحقه ولا يبدون إستعدادا لدفع مبالغ محترمة مقابل إقتناء اللوحات بإستثناء فئة محدودة . من هنا أؤمن أنه لا بد من إقرار الفن التشكيلي كمهنة رسمية ، تحفظ للفنان حقوقه وتمكنه من العيش من فنه . كما هو الحال في المجتمعات التي تدرك قيمة الإبداع وتؤمن برسالة الفن . طموحاتك ؟؟
12/ أؤمن أن الفن الإسلامي ليس مجرّد زخرفة أو أدوات وظيفية، بل هو نظام بصري وفكري وروحي، قائم على مفاهيم فلسفية عميقة. من هذا المنطلق، أراه جديرًا اليوم بإعادة قراءة حداثية نقدية، تخلّصه من التفسيرات الاستشراقية التي اختزلته في بعده الحرفي، وتعيد إليه جوهره كفنّ مفاهيمي راقٍ يحمل في أعماقه رؤى كونية ووجودية. أسعى إلى التعريف بالفن التشكيلي الذي أقدّمه على الصعيدين المحلي والعالمي، وأطمح إلى تنظيم معرض شخصي يُجسّد رؤيتي الفنية ويُبرز هويتي الإبداعية، ليكون خطوة أولى نحو حضور أوسع في الساحة الفنية الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى