ثقافة

سيف الدين قطز فى مكتبة مصر

كتب / محمد قنديل

 

نظمت سفارة أوزبكستان بالقاهرة ندوة بالتعاون مع مكتبة مصر العامة بعنوان صفحات جديدة من تاريخ سيف الدين قطز”، تحدث فيها سفير أوزبكستان لدى جمهورية مصر العربية منصوربيك كليتشيف، والسفير رضا الطايفي مدير صندوق مكتبا مصر العامة، ولفيف من الباحثين والأكاديميين والمؤرخين من أوزبكستان، وأدار الندوة الدكتور أحمد عبده طرابيك الباحث المتخصص في شئون آسيا الوسطى.
في البداية ألقى السفير رضا الطايفى مدير صندوق مكتبات مصر العامة كلمة ترحيبية وتقديم لموضوع الندوة وأهدافها.
من جهته، قال السفير منصوربيك كليتشيف، سفير أوزبكستان بالقاهرة، يشرفني ويسعدني أن أرحب بكم جميعًا في هذه الندوة المهمة والتي تأتي في توقيت مناسب، والمخصص لإحياء إرث السلطان سيف الدين قطز وتسليط الضوء على العلاقات التاريخية بين شعبي أوزبكستان ومصر. حيث نجتمع اليوم ليس فقط لاستذكار الصفحات المشرقة من تاريخنا المشترك، بل أيضاً لتعميق فهمنا للروابط الثقافية والحضارية التي توحد شعبينا.
يُعد السلطان سيف الدين قطز شخصية بارزة في تاريخ العالم الإسلامي. فقد وُلد في الدولة الخوارزمية، التي تقع أراضيها اليوم في إقليم خوارزم بجمهورية أوزبكستان الحديثة. وقد تم اختطافه بعيداً عن وطنه في سن مبكرة، إلا أنه صعد ليصبح من أهم القادة في تاريخ مصر والعالم الإسلامي. وبصفته سلطاناً لمصر والشام، قاد قطز القوات الإسلامية إلى نصر حاسم على المغول في معركة عين جالوت عام 1260م، مما أوقف زحفهم نحو الغرب وحافظ على استقلال مصر والشام وجزء كبير من العالم الإسلامي. لذلك حياته تجسدًا لمسار تاريخي فريد من ضفاف نهر آموداريا إلى قلب وادي النيل. وهي شهادة حية على الترابط التاريخي بين آسيا الوسطى والشرق الأوسط، وعلى الروابط الروحية والفكرية والسياسية العميقة بين شعبينا.
ويوضح سفير أوزبكستان: ترمز سيرة قطز أيضاً إلى الإرث القوي للعلاقات الأوزبكية-المصرية، التي تعود إلى قرون طويلة. فقد تنقل العلماء والتجار والطلبة ورجال الدولة بين منطقتينا، وتبادلوا المعارف والقيم التي أثرت حضارتينا على حد سواء. ومن عهد الخوارزميين والمماليك إلى الأزهر الشريف والطريقة النقشبندية، نرى خيطاً مستمراً من المصير المشترك والاحترام المتبادل.
ومع تعاظم دور أوزبكستان على الساحة الدولية وتوسيعها للدبلوماسية الثقافية، فإننا نؤمن إيماناً راسخاً بأن استحضار مثل هذه الشخصيات والأحداث التاريخية يمكن أن يسهم في بناء جسور ثقافية وتعزيز الفهم المتبادل في عالمنا المعاصر.
أتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى منظمي هذا المؤتمر، وإلى العلماء المشاركين، وإلى شركائنا في جمهورية مصر العربية، الذين يواصلون دعم المبادرات التي تُبرز تراثنا المشترك وقيمنا الإنسانية الموحدة. وأتمنى أن تكون هذه الندوة منصة للحوار المثمر والتبادل العلمي، وأن يُسهم في تعميق أواصر الصداقة والتعاون بين أوزبكستان ومصر.
وألقى الدكتور بَكزود عبدريموف رئيس المركز الجمهورى للتنوير الروحى فرع خوارزم ونائب حاكم إقليم خوارزم محاضرة بعنوان “دور سيف الدين قطز فى التنوير الروحى والثقافى” جاء فيها:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها المشاركون المحترمون في هذا المؤتمر!
سعادة السفير المحترم منصوربك كليتشيف!

الأساتذة الكرام!
نُبلغكم أطيب التحيات من أرض الإمام البخاري، الترمذي، الخوارزمي، الفرغاني، السلطان سيف الدين قطز، والسلطان بيبرس.
نتقدم بجزيل شكرنا للجهات المنظمة لهذا المؤتمر، وللضيوف الحاضرين.
لقد سعدنا كثيرًا بقدومنا إلى مصر، مهد الحضارات القديمة. ومساهمة هذه الأرض في العلوم والمعارف الإنسانية معروفة ومشهورة عالميًا. هذه الأرض المباركة، بجاذبيتها وسحرها، كانت دائمًا محل إعجاب واهتمام أبناء تركستان، ولعل هذا ما جعل الطولونيين، والإخشيديين، والمماليك يُشدّون رحالهم إليها. وربما لهذا السبب أيضًا، جذبت هذه الأرض علماء ومحدثين من أمثال الإمام البخاري، أحمد الفرغاني، محمود الزمخشري، سيفي السراي، وقوام الدين الأمير الكاتب الإقوني، وجعلتهم يتوجهون إليها. ويمكنني القول إن هذه الجاذبية هي التي دعت وفدنا إلى المجيء إلى هنا.
أنتم تعلمون جيدًا أن القرن الثالث عشر لم يكن مرحلة صعبة في تاريخ الإسلام فحسب، بل كان من أعقد الفترات في تاريخ البشرية جمعاء. من جهة، كان الصليبيون، ومن جهة أخرى، المغول، وكان العالم الإسلامي مهددًا تهديدًا خطيرًا من كلا الجانبين. وبينما كانت هذه القوتان الشريرتان تضغطان على العالم الإسلامي من الشرق والغرب، توحدت الشعوب التركية والعربية، التي كانت حامية للعالم الإسلامي، حول نهر النيل.
في عام 1244م، وبعد خبرة دامت ربع قرن في مقاومة المغول، تمكن الخوارزميون من استعادة القدس من الصليبيين ووهبوها لسلطان الدولة الأيوبية في مصر، الملك الصالح. ونرى أنه من الضروري دراسة الفترة الممتدة من هذا الحدث حتى عام 1260م، والتي دامت 16 سنة، دراسة تاريخية وجيوسياسية عميقة، وتحليلها بلا عاطفة، للوصول إلى استنتاج موضوعي وعادل. وهذا الاستنتاج مطلوب اليوم لأن استخلاص العبر من تلك المرحلة سيساعدنا في مواجهة التحديات العالمية المعاصرة.
إن تاريخنا مشترك ومترابط إلى درجة أن جذوره تعود إلى العصور القديمة. فالمعلومات المكتوبة على البرديات المصرية عن دارغامون بن خارشين الخوارزمي دليل على ذلك. وخاصة بعد انتشار نور الإسلام على ضفاف أنهار النيل، جيحون، وسيحون – وهي أنهار من أنهار الجنة – ارتبطت العلاقات التاريخية بيننا ارتباطًا وثيقًا، وأصبحت مدن مثل الإسكندرية، المنصورة، القاهرة، سمرقند، بخارى، أورغانج، وتركستان من أهم مراكز الحضارة الإسلامية سياسيًا، ثقافيًا، ومعرفيًا. وهذه المدن التاريخية تجسد تاريخنا المشترك.
لذلك، فإن الوثائق المتعلقة بتاريخنا المشترك محفوظة اليوم في معهد الاستشراق باسم أبي ريحان البيروني، وفي مكتبات المخطوطات في القاهرة والإسكندرية.
ودراستها هي مهمة مشتركة لنا ولكم.
في السنوات الأخيرة، أتاح النهج البراغماتي للرئيس الأوزبكي شوكت ميرضيائيف في السياسة الخارجية المجال للدبلوماسية الشعبية، كما أن دعمه للعلماء في مجال دراسة التاريخ المشترك أتاح لنا الفرصة للتعرف أكثر على بطل الإسلام سيف الدين قطز. ولذلك يجب أن نعترف بأن هذه الشخصية العظيمة، رغم شهرتها في مصر والعالم العربي والعالم الإسلامي عمومًا، كانت غير معروفة حتى لدى النخبة المثقفة في موطنه الأصلي “توران وتركستان”.
في أوزبكستان، نُشرت خلال السنوات الأخيرة رواية واحدة، وثلاثة أعمال علمية، وأربعة مقالات أكاديمية عن سيف الدين قطز. ونعلم أن في العالم العربي، وخاصة في مصر، أُجريت مئات الدراسات حول سيف الدين قطز، وتم إنتاج أعمال فنية وأفلام سينمائية عنه. وخلال أيامنا الثلاثة في مصر، شهدنا بأن كل شاب مصري يعرف سيف الدين قطز ويفتخر به. لهذا السبب، نحن هنا اليوم من أجل الحصول على مزيد من المعلومات حول سيف الدين قطز، ودراسة تاريخه، والحصول على أبحاث جديدة، وإعداد أعمال أدبية وعلمية استنادًا إليها، وجمع مواد لإنتاج أفلام ومسرحيات. فنحن نحلم بأن يتعرف كل أوزبكي، وكل تركستاني على سيف الدين قطز، ويفتخر به، كما تعرف عليه المصريون.
إذا سمحتم لي أن أطرح فكرة أخرى: خلال زيارتنا التي استمرت 3 أيام في مصر، اشترينا تذكارات تمثل توت عنخ آمون ونفرتيتي بكل سرور. بحثنا في مدن شرم الشيخ والقاهرة عن تماثيل تمثل بيبرس، سيف الدين قطز، وشجرة الدر وسلاطين المماليك الآخرين، لكننا لم نجدها. ونظرًا لازدياد عدد السياح الأوزبك، الكازاخ، والقرغيز إلى هذه الأرض عامًا بعد عام، فإن مثل هذه التماثيل ستكون لهم ذكرى ثمينة.
اجتماعنا اليوم هو بداية لعلاقات التعاون المستقبلية.
ونتمنى أن نراكم في المؤتمرات العلمية الدولية القادمة التي ستُعقد في مدينتي طشقند وأورغانج لدراسة صفحات جديدة من تاريخ سيف الدين قطز.
نتمنى لكم الصحة والسلامة، والتوفيق في أعمالكم.
وتحدث نادر مولانوف قنصل أوزبكستان بالقاهرة، وقال: تقع دولة أوزبكستان على طريق الحرير العظيم وجوهرة آسيا الوسطى وهى بلد قديم وغامض مضياف وجميل يربط بين الشرق والغرب وترحب أوزبكستان بكم بكل محبة نبلغكم بسرور أن إجراءات الحصول على تأشيرة سياحية لمواطنى مصر قد تم تبسيطها إلى أقصى درجة لا حاجة بعد الآن للذهاب إلى مكان فقط قدم طلبك إلكترونيا عبر الموقع الرسمى فهى طريقة سريعة ومريحة ولا تتطلب كثيرا من الوثائق وتصدر التأشيرة السياحية لمدة شهر واحد فقط خلال ثلاثة أيام عمل وبسعر 20 دولار من بين جميع دول القارة الأفريقية فقط قليل ومنها مصر يتمتع مواطنوها بإمكانية الدخول إلى أوزبكستان بنظام مبسط للتأشيرة وهذا يعبر عن الإحترام والتقدير الخاص الذى تكنه أزوبكستان لزيارة مدنها التاريخية الرائعة: سمرقند وبخارى وحيوة وكذلك العاصمة الحديثة طشقند حيث ستجدون المعالم العمارية العظيمة والمواقع الإسلامية التاريخية وأجواء ممتلئة بالدفء ولمحبى الطبيعة فيمكنهم الإستمتاع بالمناطق الجبلية والمساحات الخضراء والجولات البيئية فى أجواء ساحرة وبالطبع ستتذوقون فى أوزبكستان كرم الضيافة الأزوبكية والطعام التقليدى الشهى مثل: البلوف والسمسة والكباب وغيرها من الأطباق اللذيذة, إنها دولة آمنة ومنفتحة وودية وتنتظركم أيها الأصدقاء المصريون من أعماق قلبها لا تفوتوا فرصة التعرف على ثقافة جديدة وتاريخ عريق وشعب صادق وكريم ومرحبا بكم فى أوزبكستان.
وألقىت هلكار حمرايفا أستاذ بأكاديمية أزوبكستان الحكومية للفنون كلمة بعنوان “السرد التاريخى لسيف الدين قطز فى الفنون الأدائية” وأعقبها كلمة هيلولا نظيروفا نائبة رئيس جامعة أزوبكستان الجديدة طشقند بعنوان “الرؤى التعليمية حول إسهامات سيف الدين قطز، وألقت جوهار ماتيوكوبوفا فنانة الشعب فى أوزبكستان وأستاذة فى أكاديمية الدولة للفنون فرع أورجينتش كلمة بعنوان “الإرث الثقافى لسيف الدين قطز”. كما ألقى إليور مرادوف مدير دار نشر “فان” التابعة لأكاديمية العلوم بجمهورية أوزبكستان كلمة بعنوان “نشر الرؤى التاريخية حول سيف الدين قطز”. كما تحدث غلامجان أتاجانوف كبير باحثين فى المركز الجمهورى للتنوير الروحى فرع خوارزم عن “وجهات نظر إقليمية حول التأثير التاريخى لسيف الدين قطز”. ثم تحدث رحمتجان عبدالستاروف الباحث فى دراسات التراث والمنمنمات تحت عنوان “استكشاف سيف الدين قطز من خلال بحوث التراث والمنمنمات” ثم إختمت الندوة بعروض فنية شملت أداء فنى للفنانتين ريسولات ساباييفا وأوكسانا داوليتوفا وعرض لرقصة “لازغى” الأوزبكية التقليدية إحتفاء بالتراث الثقافى الأوزبكى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى