ماعت تحذر من اتساع ظاهرة عمل الأطفال وتدعو لإجراءات عاجلة لإنقاذ مستقبل الأجيال

كتب / عاطف موسى
في اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال: مؤسسة ماعت تحذر من اتساع الظاهرة وتدعو لإجراءات عاجلة لإنقاذ مستقبل الأجيال
عقيل: لا يجب أن يُولد الأطفال في ميادين القتال ولا أن يكبروا في ورش الاستغلال
بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، تُجدد مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان التزامها بالدفاع عن حقوق الطفل، وتُحذر من التزايد المستمر لظاهرة عمل الأطفال، لا سيّما في الدول النامية والمناطق المتأثرة بالنزاعات والفقر المدقع، حيث يُجبر ملايين الأطفال على الانخراط في أعمال خطرة تهدد سلامتهم الجسدية والنفسية وتحرمهم من أبسط حقوقهم.
ويأتي اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال والذي يوافق 12 يونيو من كل عام في ظل استمرار انتهاك الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وتؤكد المؤسسة أن القضاء على عمل الأطفال يمثل أحد أعمدة تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، وأن أي تهاون في التعامل مع هذه الظاهرة يُعد انتهاكًا صارخًا للاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138 بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام، واتفاقية رقم 182 بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال.
وبحسب تقديرات منظمة العمل الدولية واليونيسيف، هناك أكثر من 160 مليون طفل حول العالم منخرطون في سوق العمل، نصفهم تقريبًا يؤدون أعمالًا تُصنّف ضمن الأسوأ، مثل العمل في المناجم، والزراعة القسرية، والاستغلال التجاري، والعمل المنزلي القهري. وفي المنطقة العربية، تُفاقم الصراعات المسلحة، والنزوح، وغياب الحماية الاجتماعية من استفحال الظاهرة، حيث تُسجّل نسب مرتفعة لعمل الأطفال في القطاعات غير الرسمية، دون أي حماية قانونية أو اجتماعية.
وفي هذا السياق، صرّح أيمن عقيل، رئيس مؤسسة ماعت، قائلاً: السكوت على تفشي عمل الأطفال هو تواطؤ صامت مع الجريمة، وخيانة لأبسط قيم العدالة وحقوق الإنسان. فلا يمكنا الحديث عن مستقبل مستدام، بينما يُدفع أطفالنا إلى ساحات العمل بدلًا من مقاعد الدراسة. فآن الأوان لوضع حدّ لهذا الاستنزاف الوحشي لبراءة الطفولة، من خلال سياسات حقيقية تشمل التعليم، والحماية الاجتماعية، وتوفير بدائل اقتصادية للأسر الفقيرة.”
وطالب عقيل “الحكومات، خاصة في منطقتنا العربية، بوضع هذه القضية في مقدمة أولوياتها الوطنية، وتخصيص موازنات كافية لتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية للقضاء على عمل الأطفال. كما نُحمّل القطاع الخاص مسؤولياته في ضمان سلاسل توريد خالية من استغلال الأطفال، ونطالب المجتمع الدولي بزيادة دعمه للدول النامية، لا سيما من خلال آليات التعاون التنموي وتمويل برامج التعليم والعمل اللائق.”
وتستغل مؤسسة ماعت هذا اليوم لتسليط الضوء على الأطفال في مناطق النزاعات المسلحة، حيث تتحول الطفولة إلى ساحة مفتوحة للانتهاكات، ويُجبر آلاف الأطفال على ترك مدارسهم، ويُزجّ بهم في أعمال قسرية، أو يُجنّدون قسرًا في صفوف الجماعات المسلحة، أو يُستغلّون في أنشطة تهدد حياتهم وسلامتهم. هؤلاء الأطفال يعيشون دون أبسط مقومات الحماية التي تكفلها الاتفاقيات الدولية، مثل الحق في التعليم، والرعاية الصحية، والأمان النفسي، والحماية من العنف والاستغلال ما يجعلهم من أكثر الفئات تهميشًا وانكشافًا. وتُعد الأوضاع في اليمن والسودان مثالًا صارخًا على ذلك، حيث أفادت تقارير أممية بتجنيد آلاف الأطفال في النزاعات المسلحة، وحرمان أعداد كبيرة منهم من التعليم والخدمات الأساسية، وسط انهيار شبه كامل في أنظمة الحماية.
وفي ضوء هذا الواقع المأساوي، تُحمّل مؤسسة ماعت المجتمع الدولي مسؤولية أخلاقية وقانونية تجاه هؤلاء الأطفال، وتدعو إلى تحرّك عاجل لحمايتهم من الاستغلال، من خلال دعم آليات الرصد والمساءلة الدولية، وتوفير التمويل الكافي لبرامج الحماية الإنسانية، وضمان إدماج حماية الطفل كأولوية في كل جهود السلام وإعادة الإعمار. كما تؤكد المؤسسة أن إنهاء معاناة الأطفال في مناطق النزاع لا يكون إلا بإنهاء النزاعات ذاتها، والعمل الجاد على بناء أنظمة سلمية قائمة على العدالة وحقوق الإنسان.
وفي الختام تُؤكد مؤسسة ماعت أن حماية الأطفال من العمل والاستغلال ليست مجرد مسؤولية أخلاقية، بل واجب قانوني وإنساني يقع على كاهل الجميع. وفي اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، تُجدد المؤسسة دعوتها لصناع القرار، ومنظمات المجتمع المدني، ووكالات الأمم المتحدة، للعمل المشترك من أجل ضمان عالم تُحترم فيه حقوق الطفل، ويُمنح فيه كل طفل الفرصة ليعيش طفولته بكرامة.