كتب: عزت اشرف
في خضم المشهد الموسيقي العربي، حيث تتلاقى الأصوات وتتشابك المسارات، تبرز قصة فنانة اختارت أن تُشكل مسارها الخاص، مُسلحةً بموهبةٍ تتجاوز الأداء الصوتي إلى صميم الإبداع الشامل. إنها الفنانة روبيلا، التي تُقدم نفسها كنموذج للموهبة التي ترفض القولبة وتُعلي قيمة التفرد.
منذ سنوات طفولتها، كانت الموسيقى جزءًا لا يتجزأ من تكوين روبيلا. فدراستها الأكاديمية في كلية التربية الموسيقية لم تُرسخ شغفها فحسب، بل صقلت موهبةً فطريةً شهد لها كل من حولها. لم تكن مجرد مؤدية، بل فنانة تملك مفاتيح العملية الإبداعية كاملةً: كتابة الكلمات، تلحين الأغنيات، ومهارة التوزيع الموسيقي الدقيقة. ورغم امتلاكها لكل هذه المقومات، ظلت روبيلا لسنوات تُحجم عن خطوة الغناء المباشر، مُعتبرةً نفسها ليست “مطربة” بالمعنى التقليدي.
القرار الحاسم بخوض غمار الغناء جاء بفضل رؤية ثاقبة من المخرج أحمد علام. خلال جلسة عمل، قدم علام لروبيلا منظورًا مختلفًا، مؤكدًا أن “المطربين الذين يتمتعون بأصوات قوية كثيرون، لكن الفنانين القادرين على تقديم عمل جميل ومختلف قليلون جدًا”. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أضاف علام مُشيدًا بعمق موهبتها: “أقول هذا ليس فقط لأنكِ تكتبين وتلحنين وتوزعين، بل لأنكِ في الأصل لو سمعتِ فكرة، ستعرفين كيف تُبدعينها وتُحددّين من يلحنها ويكتبها ويوزعها ويغنيها أيضًا.” هذه الكلمات كانت نقطة التحول، لتُصبح تلك الجلسة بداية انطلاقة فنية جادة.
كانت أغنية “عنوان جديد” هي باكورة أعمال روبيلا، والتي حملت بصمتها الكاملة في الكلمات واللحن والتوزيع. سرعان ما حققت الأغنية نجاحًا لافتًا، مقتربةً من حاجز النصف مليون مشاهدة. توالت بعدها الأعمال بسرعة ملحوظة، ليُصبح رصيد روبيلا في أقل من عام 13 أغنية، منها 7 مصورة بطريقة الفيديو كليب. جميع هذه الأعمال لاقت قبولًا واسعًا من الجمهور، الذي لمس في أعمالها “الاختلاف” الذي سعت إليه، وهو ما تأكد من خلال التفاعل الكبير في الحفلات المباشرة.
تستعد روبيلا حاليًا لإطلاق ألبومها الجديد لهذا الصيف، والذي يحمل عنوانًا مُثيرًا هو “استمارة 6”. يُعد هذا الألبوم نقلة نوعية في مسيرتها، حيث وصفته بأنه “مختلف تمامًا” عن أعمالها السابقة. سيشهد الألبوم تعاونات جديدة مع موزعين وملحنين تُقدم معهم روبيلا أعمالًا لأول مرة، بالإضافة إلى استمرار التعاون مع الأسماء التي حققت معها نجاحات سابقة.
تُضيف روبيلا تفصيلة فريدة حول أغنية “يعوض عليا”، التي تضمنها ألبومها المصغر الأخير “خالعة”. الأغنية، التي كتب كلماتها المخرج أحمد علام، كان قد بدأ التحضير لها بالفعل مع أحد أبرز نجوم الصف الأول في الغناء. إلا أن الظروف قادتها لتُصبح من نصيب روبيلا، التي أبدعت في تلحينها وتوزيعها وغنائها، لتُصبح إضافة مميزة لرصيدها الفني الذي يتسم بالتفرد والجودة.
تُقدم روبيلا بذلك تجربة فنية تثبت أن الموهبة الشاملة والرؤية الواضحة كفيلتان بصناعة مسار فني استثنائي، يُلهم الجمهور ويُثري المشهد الموسيقي بروح جديدة ومختلفة.
