المفوضية تحذّر: عدد اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين لدى المفوضية في مصر يتجاوز المليون في ظل تراجع حاد في التمويل

كتب / عاطف موسى
القاهرة، 30 يونيو 2025
تُطلق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نداءً عاجلًا للتضامن الدولي، حيث تجاوز عدد اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين لدى المفوضية في مصر علامة فارقة وحاسمة، إذ تخطى حاجز المليون لاجئ وطالب لجوء.
ويعود هذا الارتفاع الكبير إلى فرار اللاجئين السودانيين من النزاع الذي اندلع في السودان في أبريل 2023، والذي تسبب في أكبر أزمة نزوح في العالم. ورغم التزايد الكبير في الاحتياجات، انخفض التمويل المخصص للفرد إلى ربع مستوياته السابقة – والتي كانت في الأصل غير كافية – مما دفع المفوضية إلى تقليص المساعدات الأساسية لآلاف الأشخاص الذين هم بحاجة للدعم.
تعد مصر الآن أكبر دولة مضيفة للاجئين السودانيين، حيث استقبلت أكثر من 1.5 مليون سوداني منذ اندلاع النزاع، وفقاً للأرقام الرسمية الصادرة عن الحكومة. ويُشكّل اللاجئون السودانيون نحو 73 في المائة من إجمالي اللاجئين وطالبي اللجوء المسجّلين لدى المفوضية في مصر، مما يعكس حجم أزمة النزوح في السودان ومدى التضامن الذي أبدته مصر في توفير الملاذ الآمن لهم.
قالت الدكتورة حنان حمدان، ممثلة المفوضية لدى جمهورية مصر العربية ولدى جامعة الدول العربية: ” هذا ليس مجرد رقم، فبلوغ المليون لاجئ يجسد معاناة آلاف العائلات التي أُجبرت على الفرار، وأطفالاً انفصلوا عن ذويهم، ومنازل دُمرت، وفرص تلاشت. كما إنه يعكس أيضاً الصمود – شجاعة اللاجئين في إعادة بناء حياتهم وكرم مصر في توفير الأمان والتضامن. ومع ذلك، لا يمكن اعتباره أمراً مسلماً به. تتزايد احتياجات اللاجئين يوماً بعد يوم، ولا يمكن تحمل أن تصبح هذه الأزمة مثل الأزمات المنسية الأخرى. نناشد الدول المانحة والمنظمات الإنسانية والقطاع الخاص لتعزيز دعمهم وضمان أن يتمكن من اضطروا إلى الفرار من إعادة بناء حياتهم بكرامة وأمل”.
ورغم التضامن الذي تبديه المجتمعات المضيفة في مصر والجهود الدؤوبة التي تبذلها المنظمات الإنسانية، إلا أن المفوضية تعمل حالياً بتمويل لا يشكل سوى 29 في المائة من التمويل المطلوب، ما يترك فجوة تمويلية تُقدّر بـ 97 مليون دولار أمريكي. وقد حدّ هذا العجز من قدرة المفوضية على الاستجابة ومواجهة تبعات النزوح على الفئات الأكثر احتياجاً في ظل استمرار النقص الحاد في الموارد.
ونتيجة لذلك، فقد آلاف اللاجئين المساعدات النقدية الشهرية التي يعتمدون عليها لتأمين الغذاء أو السكن، مما دفع بالكثيرين إلى حافة الفقر المدقع. كما تقلّصت فرص الحصول على الرعاية الصحية، ويواجه ما يصل إلى 50,000 طفل خطر التسرب من التعليم. كذلك تم تقليص خدمات الحماية، مما يجعل الفئات الأكثر احتياجاً عرضة لمزيد من المخاطر.
وفي خضم هذه الأزمة، اتخذت مصر خطوة هامة بسن قانون جديد للجوء، مما يمثل تحوّلًا محوريًا من نظام تديره المفوضية إلى نظام وطني تديره الدولة. وبناءً على طلب وزارة الخارجية المصرية، وضعت المفوضية خطة انتقالية لمدة خمس سنوات لدعم إنشاء نظام لجوء وطني يتماشى مع المعايير الدولية. إلا أن نجاح هذا الانتقال- وضمان حماية طالبي اللجوء – يعتمد بشكل كبير على توفير الدعم المالي والفني من المجتمع الدولي .
تؤكد المفوضية التزامها الكامل بمواصلة العمل جنبًا إلى جنب مع الحكومة المصرية، والجهات المانحة الدولية، والمنظمات المحلية، للاستجابة لهذه الأزمة غير المسبوقة. فالتضامن الدولي أصبح أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى -– ليس فقط لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة، بل لتعزيز قدرة مصر على مواصلة هذا الدور الإنساني بشكل مستدام.
وأخيرًا، تجدّد المفوضية نداءها العاجل لبذل كل الجهود الممكنة من أجل وقف النزاع في السودان، الذي أودى بحياة عدد لا يُحصى من الأشخاص وتسبب في نزوح الملايين. إن التوصل إلى حل سلمي هو السبيل الوحيد لوقف المزيد من المعاناة والنزوح، ويفتح الطريق أمام اللاجئين للعودة إلى وطنهم بأمان وكرامة