على ضفاف نيل أسوان.. “مركب الشمس” تبحر للدفاع عن كنوز الحضارة
جوهرة مسرح طفل الهيئة العامة لقصور الثقافة.

كتب عزت اشرف
في قلب مدينة أسوان، حيث يتنفس التاريخ مع كل نسمة هواء، أشرقت شمس الإبداع على خشبة مسرح فوزي فوزي، معلنة عن رحلة جديدة لمركب فني فريد، هو العرض المسرحي “مركب الشمس”، الذي يأتي كجوهرة في تاج عروض مسرح الطفل التي تقدمها الهيئة العامة لقصور الثقافة.
لم يكن العرض مجرد مسرحية للأطفال، بل كان جسرًا من نور يربط بين براءة الحاضر وعظمة الماضي. من خلال رؤية فنية ثاقبة، نسج الشاعر والكاتب المسرحي محمد زناتي حكاية الشاب “سمير”، الحارس الأمين على كنوز متحف لم يفتتح بعد. وفي لحظة حلم آسرة، تنقله الأقدار على متن “مركب الشمس” إلى أعماق التاريخ المصري، ليبدأ حوارًا استثنائيًا مع رموز خالدة مثل الملكة حتشبسوت، والإلهتين حتحور وباستيت، في مواجهة درامية رمزية ضد قوى تسعى لسرقة وطمس هويتنا وحضارتنا.
برؤية إخراجية واعية، حول المخرج محمد عبد المنعم خشبة المسرح إلى لوحة فنية نابضة بالحياة. حيث صرح بأن هدفه كان “صهر الماضي والمستقبل في بوتقة واحدة”، فجاءت كل عناصر العرض لتخدم هذه الفكرة. تحولت ديكورات وملابس خالد عطا الله المستوحاة من مصر القديمة إلى شخصيات حية، وتناغمت الإضاءة مع الاستعراضات المبهرة لتقدم رسالة العرض في قالب بصري يأسر الألباب ويغذي العقول الشابة.
هذا النجاح الذي شهده جمهور أسوان ليس الأول من نوعه؛ فقد سبق لـ”مركب الشمس” أن حطت رحالها بنجاح في محافظتي مرسى مطروح والغربية، حاصدة إعجابًا جماهيريًا ونقديًا لافتا، مما يؤكد على القيمة الفنية والجماهيرية للعمل.
وقد أقيم هذا العرض المتميز، الذي أنتجته الإدارة العامة لثقافة الطفل، تحت إشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، وشهدته لجنة تحكيم متخصصة ضمت قامات فنية ونقدية بارزة، من بينهم المخرج أحمد طه، والكاتب الناقد يسري حسان، والمهندسة رانيا حداد، والمايسترو إيهاب حمدي، والمخرج محمد حجاج.
في النهاية، يقف عرض “مركب الشمس” كدليل حي على أن مسرح الطفل ليس مجرد أداة للتسلية، بل هو استثمار فني لبناء الوعي، وغرس بذور الانتماء، وحماية ذاكرة الأمة في قلوب أجيالها القادمة