منوعات

ندى فنانة تنسج الجمال من قطرات الندى

 

كتب:  عزت اشرف 

في عالم تتناثر فيه الألوان كقطرات الندى، تشرق موهبة الفنانة التشكيلية الشابة ندى، التي لا ترسم بيدها فقط، بل بروحها التي روتها التجارب وعمقتها الأحلام. حوارنا معها ليس مجرد استعراض لأعمال فنية، بل هو رحلة إلى كينونة فنانة اختارت أن يكون فنها صوتًا، وأن يكون إبداعها مرآة تعكس جمال الروح.

بدأت ندى رحلتها الفنية في الثانية عشرة من عمرها، حيث كانت تعلّم نفسها بنفسها، فتقول: “كانت أكبر صعوبة هي غياب المعلم، فكنت مثل قطة استعارت من قطرات الندى لوحات فاقع لونها تسر الناظرين، لكن شغفي كان هو ماؤها الذي يرويها. كل خطأ كان درسًا، وكل لوحة لم تكتمل كانت وعدًا بمحاولة أجمل، حتى أصبحت أدوات الرسم امتدادًا لروحي.”

وعن أول لوحة أضاءت طريقها، كانت عن الريف المصري: “الريف المصري في عيني ليس مجرد طبيعة، بل هو قصيدة لونية. أرى فيه بساطة الوجود ونقاء الأرواح، وأشعر بدفء الشمس الذهبية على حقوله الخضراء. إنها لوحة حية من المشاعر التي تجعلني أرسم بقلبي قبل يدي.”

ندى، التي تدرس الملابس الجاهزة، تجد أن الفن والتصميم وجهان لعملة واحدة. “دراستي علمتني كيف أفكك الجمال إلى أجزاء: خطوط، ألوان، وتفاصيل دقيقة، وكيف أعيد تركيبها في لوحة أو تصميم. فكل بورتريه أرسمه يصبح قصة أرويها عبر قماش ولون.”

وعن تكريمها في معرض جماعي، تقول: “هذا الدرع لم يكن نهاية، بل كان بداية. كان بمثابة همسة في أذني تؤكد لي أن الرحلة بدأت للتو. لقد منحني ثقة أكبر، وشعرت أن تعبي يجد صدى، وأن الفن الصادق يجد طريقه إلى قلوب الناس.”

عندما سُئلت عن قدوتها ليوناردو دا فينشي، ردت قائلة: “ليوناردو لم يكن مجرد رسام، بل كان عقلًا يبحث عن الحقيقة في كل شيء. أحب فيه جمعه بين الفن والعلم، كأنه يقول إن الجمال لا يكتمل إلا بالمعرفة. هذه الفلسفة هي التي تقودني، فأنا أبحث عن العمق في كل خط ولون.”

بين النقاب والرسم: حوار جمالي خاص

تفتح ندى قلبها لتتحدث عن العلاقة بين نقابها وفنها، فتقول: “النقاب لا يقيّدني، بل يمنحني مساحة خاصة للإبداع. في عالم يركز على الظاهر، يجعلني النقاب أبحث عن الجمال في العمق، في تفاصيل الروح التي لا يغطيها قناع. أرى فيه رمزًا للحشمة والقوة، وأحرص في رسوماتي على إبراز جمال العيون ونظراتها التي تحكي قصصًا صامتة.”

وعن حلمها في “تهذيب الذوق العام”، تقول: “رسالتي هي أن الجمال ليس سلعة تُباع وتُشترى، بل هو إحساس يُنمّى. أحلم بأن أجعل الناس يرون الجمال في أدق التفاصيل، في بساطة الحياة وفي عمق تراثنا. أريد أن يكون فني نافذة يطلون منها على جمال لم يروه من قبل.”

تؤمن ندى بأن الفن قادر على كسر الصور النمطية، خاصة تلك التي تلتصق بالمرأة المنتقبة: “أحيانًا يظن البعض أن الفن والإبداع يتعارضان مع النقاب، وهذا مفهوم خاطئ. من خلال فني، أريد أن أثبت أن الموهبة لا تعرف حدودًا، وأن الإبداع يمكن أن يتجسد في أي هيئة.”

وعن مستقبلها، تقول: “أتوقع أن يصبح أسلوبي أكثر نضجًا وتعبيرًا. أحلم بإقامة معرض فردي يكون بمثابة كتاب يروي حكاية رحلتي، وأن أصل بفني إلى العالمية، لأكون صوتًا عربيًا أصيلًا يضيف لمسة شرقية فريدة إلى عالم الفن.”

ندى ليست فنانة ترسم لوحات، بل هي فنانة ترسم أحلامًا وتترك بصمة فنية عميقة، تُثبت أن الجمال الحقيقي يكمن في الروح، وأن الإبداع لا يمكن أن يُحجب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى