بقلم: د. حمدي قنديل رئيس مؤسسة التسامح والسلام – مصر

من أرض الكنانة، أرض المحبة والتاريخ، أتوجه اليوم بكلمات صادقة نابعة من القلب إلى أشقائنا في المملكة العربية السعودية. إن علاقة الشعبين المصري والسعودي ليست مجرد علاقة سياسية عابرة أو مصالح مشتركة، بل هي أخوة متجذرة في التاريخ، ومحبة سكنت القلوب، وصهر ربط العائلات منذ آلاف السنين.
إن المتأمل في تاريخ الأمتين يجد خيوطًا من الود والتآخي تنسج نسيجًا واحدًا لا يمكن فصله. كم من عائلة مصرية لها جذور في المملكة، وكم من عائلة سعودية تربطها صلات قرابة ونسب بأهل مصر؟ هذه الروابط الاجتماعية العميقة هي أساس الوحدة الحقيقية التي لا يمكن أن تهزها رياح الفتن أو الإشاعات المغرضة.
وفي هذا السياق، لا يمكننا أن نغفل الدور المحوري والجهود الجبارة التي تبذلها القيادة الحكيمة في كلا البلدين. إن التماسك القوي بين فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هو حجر الزاوية في بناء هذه العلاقة وتعزيزها. إن لقاءاتهم المستمرة وتنسيقهم الدائم لم يكن يهدف فقط إلى تحقيق المصالح السياسية والاقتصادية، بل كان وما يزال يصب في مصلحة الوحدة العربية وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. إنهم يضربون أروع الأمثلة في التعاون والتكاتف، ويُفشلون كل محاولات زرع الفتنة التي تستهدف النيل من هذه العلاقة المتينة.
في الآونة الأخيرة، تطل علينا بعض الأصوات النشاز التي تسعى لزرع بذور الشقاق والكراهية بين الشعبين الشقيقين. إنها محاولات يائسة تستهدف النيل من هذه العلاقة التاريخية المتينة. ولكن، على كل من يحمل في قلبه ذرة من الحب لهذا الوطن ولهذه الأمة أن يدرك أن مثل هذه الإشاعات لا تخدم إلا أعداء الوحدة والسلام. إنهم يريدون أن يروا الأمة العربية ممزقة، ولكننا لن نسمح لهم بذلك.
إن واجبنا اليوم، كشعوب تحمل قيم المحبة والتسامح، هو أن نكون أكثر وعيًا وحرصًا. علينا أن نتحقق من كل معلومة تصل إلينا، وأن نرفض تداول الإشاعات التي تهدف إلى إثارة الفتنة. إن الوحدة بين مصر والسعودية ليست مجرد خيار، بل هي ضرورة للمنطقة بأسرها. فعندما يكون البلدان يداً واحدة، فإن الأمة كلها تكون أقوى وأكثر قدرة على مواجهة التحديات.
لقد أكرمنا الله بوجود بيت النبي صلى الله عليه وسلم في أرض الحجاز، والذين لهم مكانة خاصة في قلوب جميع المسلمين، ومنهم أهل مصر الذين يكنون لهم كل تقدير واحترام. إن هذا الارتباط الروحي بأهل البيت يزيد من متانة الروابط بين الشعبين، ويؤكد على أن قيم التسامح والسلام هي جوهر ديننا وعقيدتنا.
دعونا نتذكر دائمًا أننا أمة واحدة، تجمعنا لغة وتاريخ ودين واحد. فلنعمل معًا على تعزيز هذه الوحدة، ولنكن سفراء للمحبة والتسامح في مجتمعاتنا. إننا أخوة، وإخوتنا أقوى من كل إشاعة مغرضة.
مع خالص تمنياتي بدوام المحبة والسلام بين الشعبين الشقيقين.