قضايا عربية

الأمن في السعودية.. مؤشر قوي للاستقرار

د. عبدالله صادق دحلان

 

يُعتبر الأمن والأمان حجر الأساس لكل نهضة حضارية وتنمية مستدامة، وهو النعمة الكبرى التي يطمح إليها كل مجتمع، فحيثما حلّ الأمن، ازدهرت الحياة واطمأن الإنسان على نفسه وأسرته وممتلكاته، وفي المملكة تتجلى هذه النعمة بأبهى صورها، حيث استطاعت الدولة، بقيادة حكيمة ورؤية إستراتيجية، أن توفر بيئة آمنة ومطمئنة للمواطن والمقيم والزائر، لتصبح المملكة اليوم نموذجًا عالميًا يحتذى به في الاستقرار والأمن والسلامة .

تشهد المؤشرات الدولية على المكانة المرموقة التي حققتها المملكة في مجال الأمن، فقد جاءت المملكة، إلى جانب اليابان، في صدارة دول مجموعة العشرين من حيث انخفاض معدلات الجريمة وارتفاع مستويات الأمان، وفق مؤشر الجريمة العالمي ووفق بيانات منصة Numbeo لعام 2025، سجلت المملكة معدل جريمة (Crime Index) يبلغ 23.7، ومؤشر أمان (Safety Index) يصل إلى 76.3 من أصل 100، متقدمة بذلك على العديد من الدول المتقدمة، ومنافسة لدول كانت تتميز بانخفاض معدلات الجريمة مثل سنغافورة واليابان.

وعلى الصعيد المحلي، أظهرت التقارير الرسمية انخفاضاً في معدلات الجريمة بنسبة تجاوزت 10% خلال السنوات الأخيرة، مع نسبة لجرائم النساء لا تتعدى 6.6%، وقد نجحت الأجهزة الأمنية في ضبط أكثر من 70% من مرتكبي هذه الجرائم، أن هذه النتائج لم تتحقق مصادفة، بل جاءت نتيجة جهود متواصلة تبذلها أجهزة الدولة وعلى رأسها وزارة الداخلية، التي تنفذ خطط إستراتيجية متكاملة لتعزيز الأمن في كافة مناطق المملكة .

كما جاء إنشاء رئاسة أمن الدولة عام 2017 ليشكل نقلة نوعية في توحيد جهود مكافحة الإرهاب والاستخبارات تحت مظلة واحدة، مما عزّز من قدرات المملكة في مواجهة التهديدات بكفاءة عالية، وإلى جانب الأمن الميداني، أولت المملكة اهتماماً كبيراً بالأمن السيبراني من خلال الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، التي تعمل على حماية البنية التحتية الرقمية للمملكة في ظل التحديات المتنامية في الفضاء الإلكتروني.

ولا يمكن ان ننسى الدور الفعّال لقوات الطوارئ الخاصة التي تنتشر في مختلف مناطق المملكة، التي تقوم بمهام التدخل السريع والحفاظ على الأمن في المناسبات الكبرى، وعلى رأسها موسم الحج، حيث يجتمع ملايين الحجاج والمعتمرين من جميع أنحاء العالم في أجواء آمنة ومنظّمة بفضل التخطيط الأمني المحكم.

إن ما تحقق من أمن واستقرار في المملكة يُعدّ أحد أبرز إنجازات رؤية السعودية 2030، التي وضعت الأمن كمرتكز أساسي لتحقيق أهدافها التنموية والاقتصادية والاجتماعية، فالأمن ليس فقط ضمان لسلامة الأفراد، بل هو عامل جذب للاستثمارات، ودافع رئيسي لتنمية السياحة، ومحرك أساسي لتحسين جودة الحياة.

ولا يقتصر أثر نعمة الأمن في المملكة على حياة المواطنين والمقيمين، بل يمثل ركيزة أساسية لازدهار قطاع السياحة الذي يُعد أحد أهم محاور رؤية السعودية 2030، فالسائح يبحث دائمًا عن وجهة آمنة يشعر فيها بالطمأنينة، وهو ما يجعل المملكة من أبرز الخيارات عالميًا، خصوصًا مع ما تتمتع به من مقومات تاريخية وثقافية وطبيعية فريدة، ويسهم الاستقرار الأمني في استقطاب أعداد متزايدة من السياح، كما أن تنظيم الفعاليات الكبرى مثل موسم الرياض، وموسم جدة، والفورمولا 1، والبطولات الرياضية العالمية، واستضافة ملايين الحجاج والمعتمرين سنويًا في أجواء يسودها الأمان، كلها تؤكد أن الأمن هو العامل الأول في نجاح السياحة وجعلها قطاعًا جاذبًا للاستثمار والتنمية الاقتصادية.

وفي وقت تعاني فيه كثير من الدول الكبرى وعلى وجه الخصوص بعض الدول الأوروبية من اضطرابات أمنية وعدم استقرار، فأصبح يواجه السياح الخليجيون عند سفرهم إلى بعض الوجهات الأوروبية تهديدات أمنية تتمثل في السرقات والنشل والاعتداءات، بل وحتى التحرش والجرائم العنيفة في بعض الحالات.

وفي المقابل تظل المملكة واحة أمان وسط عالم يموج بالتحديات، بفضل قيادتها الرشيدة وأجهزتها الأمنية التي تعمل على مدار الساعة لحماية الوطن، هذه النعمة العظيمة تستوجب منا جميعًا الشكر والحفاظ عليها، إدراكًا لأهميتها وحرصًا على استمرارها، فالأمن الذي نعيشه اليوم هو ثمرة تضحيات رجال أوفياء، ورؤية قيادية جعلت سلامة الإنسان فوق كل اعتبار .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى