الجوار الهندي

بقلم /السفير أشوك ساجنهار
أطلق رئيس الوزراء ناريندرا مودي سياسة “الجوار أولاً” عند توليه السلطة لأول مرة في مايو 2014. ومنذ البداية، كان مصمماً على تحسين العلاقات مع جيران الهند وإزالة سوء الفهم حول هيمنة الهند وتدخلها في الشؤون الداخلية لدول الجوار. وسعى لتحقيق ذلك من خلال إقناعها بما تقدمه الهند من دعم وحسن نواياها تجاه أمن واستقرار ورفاهية وازدهار هذه الدول.
وكخطوة أولى، دعا قادة جميع دول رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي (SAARC) (أفغانستان، بنجلاديش، بوتان، الهند، المالديف، نيبال، باكستان، وسريلانكا) ورئيس وزراء موريشيوس لحضور حفل أداء اليمين لحكومته في 26 مايو 2014. والتقى رئيس الوزراء مودي بجميع القادة الزائرين لتعزيز الثقة وتقوية العلاقات الثنائية.
وقد اتسع نطاق هذه المبادرة عندما دعا رئيس الوزراء مودي قادة جميع دول “مبادرة خليج البنغال للتعاون التقني والاقتصادي متعدد القطاعات” (BIMSTEC) (بنجلاديش، بوتان، الهند، ميانمار، نيبال، سريلانكا، تايلاند) ورئيس وزراء موريشيوس ورئيس قيرغيزستان، الذي كان في ذلك الوقت المنسق غير الرسمي لدول آسيا الوسطى، في 30 مايو 2024. شمل المدعوون لحفل أداء اليمين الثالث لرئيس الوزراء مودي في 9 يونيو 2024 قادة الدول المجاورة بالإضافة إلى سيشيل، وهي شريك بحري في إطار “مبادرة الأمن والنمو لجميع دول المنطقة” (SAGAR) التي أطلقها رئيس الوزراء مودي في عام 2015 لتعزيز علاقات التعاون الهندية في المجال البحري.
من خلال هذه المبادرات، سعى رئيس الوزراء مودي إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى أعلى من الثقة والتعاون.
في عام 2014، قام رئيس الوزراء مودي بتفعيل هذه المبادرة من خلال الزيارة التي قام بها إلى بوتان والتي كانت أول دولة يزورها في الخارج في يونيو 2014. وفي كلمته أمام الجلسة المشتركة للبرلمان البوتاني، صرح رئيس الوزراء مودي بأن “المنطقة بأكملها، وخاصة دول رابطة السارك، ستستفيد إذا كانت الهند مزدهرة. فالهند التي تتمتع بالقوة والإزدهار يمكنها، في هذه الحالة فقط، أن تساعد في التخفيف من المشاكل التي تواجه جيرانها”.
زار رئيس الوزراء مودي نيبال بعد ذلك بوقت قصير في أغسطس 2014، وخلال كلمته أمام الجمعية التأسيسية النيبالية، وهي أول مرة يلقي فيها زعيم أجنبي كلمة أمام الجمعية التأسيسية النيبالية، قال إن الهند لن تتدخل في الشؤون الداخلية لنيبال ولكنها ستدعمها. وستفعل الهند كل ما في وسعها لمساعدة نيبال في مساعيها. وأعرب عن رغبته القوية في أن تصبح نيبال دولة متقدمة.
وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في الشهر التالي، في 27 سبتمبر 2014، قال رئيس الوزراء مودي “تتوقع الهند بيئة سلمية ومستقرة لتحقيق التنمية بها. مستقبلنا مرتبط بجوارنا. ولهذا السبب أعطت حكومتي منذ يومها الأول الأولوية القصوى لتعزيز الصداقة والتعاون مع دول الجوار”. وأكد مجدداً على نفس هذه السياسة تجاه باكستان قائلاً أن الهند “مستعدة للدخول في حوار ثنائي جاد مع باكستان في أجواء سلمية بعيداً عن الإرهاب، لتعزيز صداقتنا وتعاوننا. ومع ذلك، يجب على باكستان أيضاً أن تتحمل مسؤوليتها بجدية لخلق أجواء مناسبة للحوار الثنائي”.
على مدار الإحدى عشرة عاماً التالية، سعى رئيس الوزراء مودي إلى تفعيل سياسة “الجوار أولاً” من خلال عدد لا يحصى من الإجراءات والمبادرات والمشاريع.
كانت زيارة رئيس الوزراء مودي إلى نيبال في أغسطس 2014 هي أول زيارة ثنائية يقوم بها رئيس وزراء هندي إلى تلك الدولة المجاورة المهمة بعد فترة انقطاع طويلة استمرت 17 عامًا. وقد تبع هذه الزيارة أربعة زيارات أخرى إلى نيبال في مايو 2018، ونوفمبر 2014، وأغسطس 2019، ومايو 2022. سعت كل هذه الزيارات إلى دفع الشراكة الثنائية إلى مستوى أعلى من الثقة، والتواصل المادي، وربط شبكات الطاقة، والشراكة والتعاون الاقتصادي. كانت الهند أول من قدم المساعدات لنيبال بعد الزلزال المدمر الذي ضربها في مارس 2015 وكذلك خلال زلزال جاجاركوت عام 2023 والفيضانات والانهيارات الأرضية عام 2024. وكما هو معتاد في العلاقات بين الدول المتجاورة، ظهرت بعض العقبات في العلاقات الثنائية فيما يتعلق بالحدود المتنازع عليها، والاحتجاجات المحلية وما إلى ذلك خلال هذه الفترة، لكن الهند سعت لحلها من خلال الحوار.
كانت زيارة رئيس الوزراء مودي إلى سريلانكا في مارس 2015 هي أول زيارة ثنائية يقوم بها رئيس وزراء هندي إلى هذا البلد منذ أكثر من 30 عامًا. وقد زار سريلانكا ثلاث مرات أخرى في مايو 2017، ويونيو 2019، وأبريل 2025 كأول زعيم أجنبي يزور سريلانكا بعد وصول حكومة جاناتا فيموكتي بيرامونا (JVP) إلى السلطة بقيادة الرئيس أنورا كومار ديساناياكي.