منوعات

ربيعة القدميري تشرف القاهرة.. ألوان المتوسط تضيء سماء النيل

 

في لحظة مدهشة تلتقي فيها ضفاف المتوسط، حطّت الفنانة التشكيلية المغربية العالمية **ربيعة القدميري** رحالها في **القاهرة**، حاملة معها ذاكرة من ألوان البحر، وضوء الشمال، وصدى الحنين المغربي الذي لا يغيب. وصولها إلى مصر لم يكن مجرد حدث فني، بل احتفاء بعبور جديد في رحلة فنانة جعلت من **اللون لغة، ومن الوجع قصيدة، ومن اللوحة وطنًا بديلًا**.
من قاعات ألمانيا، إلى متاحف كوريا الجنوبية، إلى جائزة *ليوناردو دافنشي* في فلورنسا، ثم إلى تكريمها كسفيرة للفن في البحر الأبيض المتوسط، تتنقّل ربيعة القدميري كطائرٍ حرٍّ بين القارات، تحمل على أجنحتها رسالة الجمال، والحوار، والتعايش الإنساني.
أما الآن، فقد جاءت إلى مصر — بلد الفنون والنور — لتعرض بعضًا من أعمالها **في المتحف المصري للفن الحديث**، حيث تلتقي أرواح التشكيليين الكبار بروحها الباحثة عن الضوء خلف العتمة.
ربيعة القدميري في القاهرة: لقاء الجمال بالضوء
زيارة ربيعة القدميري إلى القاهرة ليست مجرد حدث فني، بل **لقاء ثقافي بين روحين**:
روح المغرب التي تحمل عبق الأطلس، وروح مصر التي تُنصت للألوان منذ أيام حتشبسوت ونفرتيتي.
في المتحف المصري للفن الحديث، ستُعرض لوحاتها ضمن جناح خاص بعنوان *“ألوان مهاجرة”* — الاسم الذي اختارته لأحد معارضها السابقة، لكنه اليوم يبدو أكثر رمزية من أي وقتٍ مضى.
ففي هذا المعرض، لا تعرض الفنانة مجرد أعمال، بل **رحلتها الوجودية**:
من طفلة أمام نول الحياكة في المغرب، إلى طالبة في قاعات ألمانيا، إلى فنانة عالمية تكرّم في إيطاليا وكوريا، وتقف اليوم أمام جمهور القاهرة حاملةً رسالة الفن كجسرٍ للحوار والمحبة.

من المغرب إلى العالم: جذور لا تُنسى وأفق لا يُحدّ
المعروف انه ولدت ربيعة القدميري في المغرب، لكن ملامحها الفنية نضجت في ألمانيا، حيث درست التصميم الصناعي والفنون الحديثة، وامتلكت حسًّا بصريًا يجمع بين **التقنية الغربية والروح الشرقية**.

التكريمات: من فلورنسا إلى كوريا إلى المتحف الحديث في القاهرة
ليس غريبًا أن تُكرَّم ربيعة القدميري بلقب **”سفيرة الفن بالبحر الأبيض المتوسط”**، من قبل مؤسسة *كوستنزا* للفن والبحث العلمي في إيطاليا، بالشراكة مع الفنانة الإيطالية سيرينا كونتينو.
ذلك اللقب جاء تتويجًا لمسيرة فنية امتدت لعقود، كرّستها للتعبير عن **قيم الحوار الثقافي والجمال الإنساني**.
كما حازت **جائزة ليوناردو دافنشي العالمية سنة 2020 في فلورنسا**، وشاركت في **معرضها الفردي في متحف الباوهاوس** بألمانيا في العام نفسه، لتؤكد حضورها العالمي كفنانة تنتمي إلى أكثر من جغرافيا واحدة.
وفي كوريا الجنوبية، اقتنت **متحف غوان** مجموعة من أعمالها لتُعرض ضمن مقتنيات المتحف الدائمة، في اعترافٍ دولي بقيمة تجربتها الفنية.
واليوم، يضاف إلى هذه المحطات إنجاز جديد يتمثل في **عرض لوحاتها في المتحف المصري للفن الحديث** — أحد أهم الصروح الفنية في الشرق الأوسط.
بهذا، تصبح القاهرة محطة أخرى مضيئة في مسار فنانة جعلت من اللون طريقًا للتواصل الإنساني العابر للحدود.
المرأة والحنين: ثنائية الوجع والدهشة
في كثيرٍ من أعمالها، تتجسد المرأة ككائنٍ رمزيٍّ يجمع بين الرقة والقوة، بين الحضور والغياب.
ليست المرأة عند القدميري موضوعًا جماليًا فحسب، بل **كائن فلسفي يحمل عبء الذاكرة والتاريخ**.
تبدو في لوحاتها مثل وطنٍ صغيرٍ يختبئ في الألوان، مثل أمٍّ تصنع الجمال من الخيوط القديمة، أو مهاجرةٍ تتحدى الغياب.
اختارت القدميري أن تخلق لنفسها أسلوبًا خاصًا.
ترفض أن تكون أسيرة الأكاديمية، أو أن تخضع لمدرسةٍ واحدة.
تستخدم في أعمالها مواد غير تقليدية، مثل القهوة، الحناء، الرمل، أحيانًا بقايا الطبيعة، وتدمجها في الأكريليك على التوال، لتخلق **ملمسًا حيًّا ينبض كجلدٍ بشريٍّ متعبٍ بالذكريات.**
بين الغربة والعودة: فلسفة الضوء
الفنانة المغربية التي عاشت في ألمانيا لسنوات طويلة، لا تزال ترى نفسها ابنة المغرب الروحية.
ختامًا: الألوان التي تعبر الحدود
في حضورها، تشعر أن الحديث عن الفن يتحوّل إلى صلاة، وأن اللون ليس مجرد صبغة بل **حالة روحانية**.
ربيعة القدميري لا تكتفي بأن تكون فنانة ناجحة، بل تسعى لأن تكون **جسرًا بين العوالم، بين الشرق والغرب، بين المرأة والكون.**
وهي اليوم، في قلب القاهرة، تعيد للون معناه الأول: أن يكون طريقًا نحو النور، وأن يعلّم الإنسان كيف يرى الجمال حتى في أكثر زوايا الحياة عتمة.
> *”إنّ الفنّ هو النور الوحيد الذي لا ينطفئ مهما اشتدّ الظلام.”*
> — بيكاسو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى