منوعات

كريستين جوهري: الفن يسمو بالارواح و يهذب النفوس

كتب : عزت اشرف 

كل فنان يمتلك قصة، وقصة الفنانة التشكيلية كريستين جوهري هي شهادة حية على أن الشغف الحقيقي لا يموت، بل قد يتوارى ليعود أقوى وأكثر نضجًا. بدأت رحلتها مع الفن منذ نعومة أظافرها، حيث اكتشفت حبها للرسم من خلال تقليد الرسومات والصور طبق الأصل. كانت هذه الشرارة الأولى التي كشفت عن موهبة فطرية، لكن انشغالها بالدراسة والحياة أدى إلى خفوت هذه الموهبة لسنوات. ومع ذلك، لم تكن هذه النهاية، بل كانت فترة كمون مهدت لانطلاقة جديدة، انطلاقة أشعلت جذوتها أحداث فارقة في مسيرتها.


 

بعد تركها للعمل عقب ثورة 2011، وجدت كريستين جوهري الفرصة التي طالما حلمت بها: التفرغ للفن واستعادة موهبتها القديمة. كانت هذه هي المرحلة الانتقالية الحاسمة في حياتها، حيث تركت العمل التقليدي لتلج عالم الفن والإبداع. هذا التحول لم يكن مجرد تغيير مهني، بل كان استجابة لنداء داخلي وشغف كامن.


لضمان تطوير موهبتها بشكل احترافي، قررت كريستين الانخراط في الدراسة الأكاديمية. بدأت مرحلة الدراسة في القسم الحر بجامعة الفنون الجميلة، ثم التحقت بورش عمل متخصصة. كان لهذه الخطوة أثر كبير في مسيرتها الفنية، حيث ساعدتها على دراسة الفن دراسة أكاديمية متخصصة، وتطوير مهاراتها الفنية، والتعرف على الأسس التشكيلية التي ينبغي على أي فنان تشكيلي إتقانها.

من أبرز هذه الورش كانت ورش الدكتور مراد درويش، الذي تصفه كريستين بأنه دكتور مميز جدًا ذو خبرة واسعة في مجال الفن. كان له الفضل في توجيهها التوجيه الصحيح ووضع قدميها على بداية الطريق، معلمًا إياها تذوق مدارس فنية مختلفة دون التحيز لمدرسة بعينها، مما أثرى رؤيتها الفنية بشكل كبير.


المعارض الفنية: بصمات في مسيرة الإبداع

 

شاركت كريستين جوهري في العديد من المعارض الجماعية، وكل منها ترك بصمة مختلفة في مسيرتها الفنية، نظرًا لاختلاف الموضوعات والأشخاص وتوقيت العرض. تذكر على وجه الخصوص أحد أجمل المعارض التي أقيمت في جاليري خاص بالزمالك، وافتتحه سفير الصين، والذي كان له أثر جميل في نفوس المشاركين.


التراث العربي: مصدر إلهام لا ينضب

 

للتراث العربي مكانة خاصة في أعمال كريستين جوهري، حيث شاركت في معارض متنوعة تخص هذا الجانب الغني. ترى أن التراث العربي يزخر بالكثير والكثير، حيث تستلهم منه أنماطًا وأساليب تتعلق بتراثنا القديم، والتي ما زالت مؤثرة في حياتنا وموجودة في عاداتنا وتقاليدنا حتى الآن. هذا التركيز على التراث يعكس تقديرها للعمق الثقافي والهوية الأصيلة.


تولي كريستين اهتمامًا خاصًا بفعاليات وزارة الثقافة وتحرص على المشاركة بها، نظرًا لأهميتها ودورها المحوري في المجتمع المصري. ترى أن هذه الفعاليات تساهم في إحياء وتنشيط دور الفن في المجتمع، وإحياء الأحداث التاريخية سنويًا، مما له أثر جميل في ترابط عناصر المجتمع.


يتسم أسلوب كريستين جوهري في التشكيل بـالتجريد البسيط للأشكال والأشخاص، مع حركات إيقاعية للجسد تميز أداء الفيجر. كما تتميز أعمالها بـاختيار باليتة ألوان مريحة ومبهجة. تفضل استخدام الأكريليك والباستيل والألوان المائية أحيانًا، حسب الموضوع المطروح، مما يمنحها مرونة في التعبير.


تعتبر قضايا المرأة من أبرز القضايا التي تسعى كريستين للتعبير عنها في أعمالها بأشكال متعددة، وأحيانًا بشكل تعبيري منفصل. يعكس هذا اهتمامها بالقضايا الاجتماعية ورغبتها في استخدام الفن كمنصة للتعبير عن هذه الموضوعات الهامة.


تستلهم كريستين من رواد الفن التشكيلي المصريين أمثال صبحي راغب وحسين بيكار، الذين أثروا في مجتمعهم بفنهم البسيط وتأثيرهم الأكيد على أخلاقيات المجتمع وتعديل سلوكه. ترى أن هذه هي رسالة الفنان في دائرته الصغيرة أولاً ثم مجتمعه تباعًا.

طموحها أن يتم الاهتمام بالفن التشكيلي على المستوى المجتمعي، وأن تزداد نسبة الوعي به إعلاميًا، بحيث يمكن للفن أن يرتقي بالمجتمع ككل. مشروعها الحالي هو إقامة معرض فردي لعرض أعمالها، مع السعي الدائم لتطوير ذاتها ومهاراتها الفنية.


الفن والموسيقى: سيمفونية الإبداع

ترى كريستين رابطًا قويًا بين الموسيقى والفن، حيث يؤثر كل منهما على الآخر بشكل مباشر. فالتأثر بقطعة موسيقية معينة ينعكس بالطبع على اللوحات الفنية. نوع الموسيقى التي يستمع إليها الفنان، سواء كانت هادئة أو صاخبة، عربية أو أجنبية، يؤثر على نفسيته ومن ثم على ريشته وإبداعه، مما يضيف بعدًا عميقًا لعملية الخلق الفني.


تسعى كريستين جوهري من خلال فنها إلى أن تكون جزءًا فاعلاً في الارتقاء بالمجتمع، مؤمنة بأن الفن ليس مجرد رفاهية بل ضرورة لتهذيب الروح وتغيير السلوكيات نحو الأفضل. هي تطمح لأن يصبح الفن التشكيلي أكثر حضورًا في الوعي الجمعي، وأن يحظى بالتقدير الذي يستحقه كأداة قوية للتعبير والتغيير الإيجابي. إن رسالتها الأساسية التي ترغب أن تصل إلى الجمهور من خلال فنها هي إلهام الأمل، والاحتفاء بالجمال في تفاصيل الحياة، وتشجيع التأمل في القضايا الإنسانية والاجتماعية بأسلوب فني يلامس الوجدان ويثير الفكر. بهذا الشغف والرؤية، تستمر كريستين جوهري في رحلتها الفنية، مثرية الساحة التشكيلية المصرية والعربية بأعمالها المميزة ورسالتها الهادفة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى