
كتب عزت اشرف
في عالم يغرق في ضجيج الاستهلاك المتزايد والبحث المحموم عن المزيد، تبرز أصوات شابة تُقدم بديلًا ثوريًا: طريق البساطة. آية الغمري، الأخصائية النفسية والاجتماعية التي لا تخشى طرح الموضوعات الأكثر جرأة، لا تُقدم مجرد نصائح، بل تُطلق شرارة تغيير حقيقي في حياة الآلاف. رغم صغر سنها، تمتلك آية خبرة تفوق سنواتها، وتستمد قوتها من خلفيتها الأكاديمية العميقة في علم النفس والاجتماع، ومن تجاربها العملية المتنوعة التي جعلتها تفهم آليات الحياة الحديثة من الداخل.
آية الغمري، لايف كوتش وأخصائية نفسية واجتماعية، تمثل نموذجًا فريدًا يجمع بين الفهم الأكاديمي العميق للنفس البشرية والشغف بتبسيط الحياة. تخرجت في كلية الآداب قسم علم نفس، ثم تابعت دراساتها العليا في علم الاجتماع. مسيرتها المهنية لم تكن تقليدية؛ فقد بدأت بالعمل التطوعي والإدارة في مؤسسات مختلفة، قبل أن تؤسس عملها الخاص لتقدم للعالم رسالتها التي تركز على المنيماليزم، ليس كمجرد موضة، بل كفلسفة حياة متكاملة تهدف إلى التخلص من الضغوط والوصول إلى الحرية الداخلية.
رسالتها المحورية هي “المنيماليزم” أو فلسفة التبسيط، لكنها تُقدمها بطريقة فريدة لا علاقة لها بالتقشف أو الحرمان. بالنسبة لآية، المنيماليزم ليس التخلص من الأغراض المادية، بل هو عملية تطهير شاملة للنفس والروح. إنها دعوة للتجرد من “الكراكيب الداخلية” التي تتراكم علينا منذ الصغر: الأفكار السلبية، العلاقات السامة، الضغوط الاجتماعية، والمقارنات المرهقة. آية تؤكد أن شخصية الإنسان تتشكل بفعل عوامل لا حصر لها، وأن التخلص من طبقات الفوضى هذه هو السبيل الوحيد لإعادة اكتشاف “الجوهر” الحقيقي.
ما تقدمه آية الغمري هو دعوة لإعادة تشكيل حياتنا من الداخل إلى الخارج. فمن خلال التبسيط، نصبح قادرين على استعادة الحرية، والتركيز على القيمة الحقيقية، وإطلاق العنان للإبداع.
المنيماليزم، أو فن الحياة البسيطة، يتجاوز كونه مجرد التخلص من الممتلكات المادية. إنه نهج حياة عميق يرتكز على التبسيط والابتعاد عن كل ما هو فائض وغير ضروري، سواء كان في المجال المادي، أو العاطفي، أو العقلي. رغم أن جذوره تعود إلى الفن والتصميم، إلا أنه تحول إلى منهج شامل للحياة اليومية. في الفن والتصميم، ظهر المنيماليزم كحركة فنية في الخمسينيات من القرن الماضي، تركز على البساطة والحد الأدنى من العناصر البصرية. وفي التصميم، يهدف إلى خلق مساحات نظيفة ومرتبة لتقليل الفوضى وتحسين الوظيفة والجمال. في الحياة اليومية، يُطبق هذا النهج من خلال التركيز على الضروريات فقط، والابتعاد عن الاستهلاك المفرط. على المستوى النفسي، يؤمن المنيماليزم بأن الراحة والسعادة تأتي من البساطة، مما يقلل الضغوط الذهنية الناتجة عن التفكير الزائد والازدحام. كفلسفة حياتية، هو فلسفة تمكّن الأفراد من العيش بوعي وهدوء أكبر، حيث يمكنهم التركيز على ما يهم حقًا، مثل العلاقات الإنسانية، والنمو الشخصي، والإبداع. يعزز المنيماليزم فكرة أن الرفاهية الحقيقية تنبع من الداخل، وليس من التراكم المادي، وهو دعوة لتقليل التوتر والانشغال بالأشياء.
والمميز في أسلوب آية هو التفاعل المباشر مع جمهورها. من خلال فيديوهات متخصصة، ترد على أسئلة المتابعين بمنتهى الدقة العلمية والعمق النفسي، مما يُضفي على عملها مصداقية ويجعله أكثر تأثيرًا. هذه الفيديوهات لا تُقدم إجابات فقط، بل تفتح آفاقًا جديدة للتفكير، وتُشجع الجمهور على طرح المزيد من الأسئلة، مما يُعزز من دورها كمرجع نفسي واجتماعي.
تتخذ آية الغمري من صفحتها على فيسبوك منبرًا لتناول موضوعات جريئة ومثيرة للجدل، بعمق وشفافية. لا تتردد في مناقشة قضايا حساسة تعتبر من المحرمات الاجتماعية، مثل العادة السرية وتأخر سن الزواج. تقدم من خلال منشوراتها إضاءات نفسية واجتماعية حول هذه المواضيع، وتجيب على استفسارات المتابعين، وتفتح حوارًا بناءً حول تحديات يواجهها الكثيرون بصمت.
آية الغمري ليست مجرد أخصائية نفسية، بل هي أيقونة شبابية تُشعل جذوة الوعي، وتُقدم رؤية جديدة للحياة. في زمن يبحث فيه الجميع عن “المزيد”، هي تُرينا أن السعادة تكمن في “اللا شيء”، وأن تحرير الروح من قيودها هو أعظم ما يمكن للإنسان أن يمتلكه. انتظروا منها الكثير من الموضوعات الجريئة والأكثر جرأة.