قراءة في كتاب المثقف المستنير: محمد سعيد طيب.. سيرة عطاء لا تُنسى

بقلم / د. عبدالعزيز حسين الصويغ
بعد أن أنهيت قراءة كتاب “المثقف المستنير: محمد سعيد طيب (أبو الشيماء)” للأستاذ الدكتور يوسف حسن العارف في زمن قياسي، حيث أن كثير من أجزائه سبق وأن قرأته في الكتب والمراجع التي رجع إليها واعتمد عليها مؤلف الكتاب.
ولقد وجدت نفسي أمام مهمة أدبية شائكة؛ فكيف أعلّق على عملٍ جاء شاملاً وافياً، يليق بسيرة رجل وطني عظيم، استحق أن نرفع له القلوب قبل العقال تكريماً واحتراماً؟
ثلاثمائة وأربع وأربعون صفحة من السرد الثري والتحليل العميق، تناولت كل ما يمكن أن يطمح قارئ إلى معرفته عن هذه الشخصية الاستثنائية.
لقد نجح المؤلف في مهمته نجاحاً باهراً، لدرجة أن الخاتمة التي ضمت خلاصة آراء من كتبوا عن الرجل – جاءت في الصفحتين (270 و271) – لم تكن مجرد ملخص، بل كانت رؤية نقدية مكثفة وختاماً معبراً يلخص مزايا الرجل ليس من خلال رأي مؤلفٍ واحد، بل من خلال شهادات جيل من أقرانه، وجيل عرفه عن قرب، وجيل عاصره، وجيل سمع عن إنجازاته.
إنه حصاد آراء أجيال متعاقبة من الصادقين والعارفين بقيمة ما قدمه أبو الشيماء للوطن والمجتمع.
ولعل في الاستشهاد ببعض أقوال الشخصيات القيادية التي استهل بها المؤلف كتابه ما يعطي صورة أوضح:
▪️يقول سمو الأمير طلال بن عبد العزيز رحمه الله: “الذي يتابع حديث الأخ محمد سعيد طيب دائماً يتمتع بأفكاره وبما يعطيه من آراء يشكر عليها.”
▪️ويقول الشيخ أحمد زكي يماني، وزير البترول السابق رحمه الله: “الشيء الذي لم يُقَل عن محمد سعيد طيب هو (العمق) في هذا الرجل، ولن يستطيع الإنسان أن ينفذ إلى أعماقه بسهولة.. فهو السهل الممتنع.”
▪️ويقول الدكتور محمد عبده يماني، وزير الإعلام السابق رحمه الله: “أبو الشيماء – مواطن مخلص مكي حتى العظم، حجازي حتى الثمالة! هذا الرجل استطاع أن يصنع لنفسه مجداً من خلال الكلمة.. وحمل مشعل هذه الكلمة.”
▪️ويقول الشيخ هشام محي الدين ناظر، وزير التخطيط ووزير البترول السابق، وسفيرنا في القاهرة، رحمه الله: “عندما كنت مسؤولاً في الدولة في مناصب مختلفة، كان محمد سعيد طيب يستضيفني في تلوثيته ويترك المجتمعين لـ (يَقْلُوني) على صاج في بيته، وكنت أستمتع بذلك لأنه لابد من مقارعة الفكر بالفكر.”
لن أستعرض هنا محتويات الكتاب الثمين، فهذا يحتاج صفحات وصفحات يستطيع القارئ أن يرجع فيها لمتن الكتاب نفسه، وأكتفي بهذه الشهدات السريعة حيث يؤكد الدكتور يوسف حسن العارف بحرفية الباحث الأمين، أن هذه الأصوات جميعها تجمع على سمات ومزايا ودلالات ثقافية وإنسانية محددة، رسمت ملامح شخصية أبي الشيماء بتوافق نادر. هذه الإشادات – كما يذكر الكتاب – هي إشادات حق، تنبع من تقدير ومحبة صادقين، مما يجعل من سيرته نبراساً للأجيال.
ولن أنهي تعليقي دون أن أذكر شهادتي المتواضعة التي أوردها المؤلف ضمن الشهادات الثقافية المبكرة عن الأستاذ محمد سعيد طيب، حيث قلت في أحد المناسبات في حفل تكريم له بالقاهرة حضره وقتها سفير المملكة في القاهرة الشيخ هشام ناظر:
إن معرفتي بالأستاذ محمد سعيد طيب زادت حبي وتقديري لشخصه الكريم، حتى أنني أدمنت (ثلوثيته) الأسبوعية. وهو بجدارة أول من دعا إلى الحوار الوطني الذي نعيش ثماره اليوم، وإلى إنشاء هيئة حقوق الإنسان، وكان رائداً في نشر الكتاب السعودي عبر (تهامة العظيمة)، وصاحب (الثلوثية) المشهورة التي جمعت المفكرين والأدباء في صالون ثقافي فريد.
وأخيراً.. لم يترك كتاب الدكتور يوسف حسن العارف شاردة أو واردة في حياة هذا الرجل إلا وأضاء عليها، مقدماً صورة متكاملة للمثقف المستنير الذي كرس حياته لخدمة فكره ووطنه.
▪️واختم كما اختتمت حديثي سابقاً: “إن أبا الشيماء هو باختصار علامة مضيئة من علامات الوطن، يحمله في أعماق أعماقه”.