منوعات

د. هشام سامي عبد الرحمن… استشاري العظام الذي يجبر خواطر المرضى

حين تلتئم العظام وتُشفى الأرواح:

دكتور هشام سامى عبد الرحمن استشارى عظام
دكتور هشام سامى عبد الرحمن
استشارى عظام

كتب عزت اشرف
في زمن تتسارع فيه الخطى العلمية وتبرد فيه ملامح المهنة أمام هيمنة التقنية، يظل هناك من يذكّرنا بأن الطب ليس علمًا فحسب، بل رسالة، وأن الطبيب لا يعالج الجسد فقط، بل يُرمم ما تصدّع في الروح. من بين هؤلاء، يبرز اسم الدكتور هشام سامي عبد الرحمن، استشاري العظام، الذي جمع بين دقة العلم ودفء الإنسان، بين الجراحة كفنٍّ في يدٍ خبيرة، والعطاء كإحساسٍ في قلبٍ يعرف معنى الألم.

ولد د. هشام سامي في بيئة تُقدّس العلم والعمل، فكان اختياره لطب العظام ليس مصادفة، بل انحيازًا للإنسان في لحظاته الأكثر هشاشة. فالعظام ليست مجرد بنية صلبة في الجسد، بل هي، كما يرى الطبيب، “الذاكرة الصامتة للحياة”، إذ تحتفظ بآثار التعب، والسقوط، والنهوض من جديد. ومن هذا الإدراك العميق انطلقت فلسفته الطبية التي تمزج بين المنهج العلمي الدقيق والرؤية الإنسانية الرحبة.

يؤمن الدكتور هشام بأن جراحة العظام لا تبدأ في غرفة العمليات، بل في لحظة الإصغاء للمريض. يقول دائمًا إن “أول علاج لأي كسور هو الإصغاء”، فالمريض لا يحتاج فقط إلى تثبيت عظم، بل إلى من يرمم ثقته بالحياة. ولعل هذا الحس الإنساني هو ما جعله يحظى بتقدير واسع بين مرضاه وزملائه على حد سواء، إذ عرف عنه صبره، وهدوؤه، وقدرته على تحويل الألم إلى أمل.

على الصعيد العلمي، يشكّل الدكتور هشام سامي نموذجًا للجراح المعاصر الذي يوازن بين الخبرة السريرية والبحث العلمي. فقد ساهم في تطوير عدد من الأساليب الحديثة في علاج الكسور وإعادة التأهيل، مؤمنًا بأن نجاح أي تدخل جراحي لا يُقاس فقط بعدد العمليات، بل بقدرة المريض على استعادة حياته كاملة دون ألم أو خوف. كما كان من أوائل من دعوا إلى دمج التكنولوجيا الحيوية في الممارسة اليومية، مستندًا إلى مبدأ أن “الابتكار لا قيمة له إن لم يكن في خدمة الإنسان”.

وفي المحاضرات والمؤتمرات العلمية، يظهر الدكتور هشام سامي كأستاذ لا يكتفي بنقل المعلومة، بل يزرع في طلابه حب المهنة، وروح المسؤولية، والقدرة على رؤية الإنسان قبل الحالة. فهو يؤكد دائمًا أن الطبيب الحقيقي هو الذي يضع العلم في خدمة القلب، وأن “الطب من دون إنسانية يصبح كآلة بلا روح”.

في عيادته، لا تبدو الأجواء كأنها مساحة للفحص والعلاج فحسب، بل كأنها حوار دافئ بين الألم والرجاء. يحرص على أن يجعل من كل لقاء تجربة إنسانية، تُعيد للمريض ثقته في جسده وفي قدرته على النهوض من جديد. فبالنسبة له، الجسد ليس كتلة من العظام والعضلات، بل “قصيدة صبرٍ كتبها الخالق بلغة الألم والشفاء”.

وربما سرّ تميّزه الحقيقي هو قدرته على رؤية ما وراء الكسر: يرى في كل جرحٍ بداية جديدة، وفي كل ألمٍ طريقًا نحو الشفاء. ولذلك لا يراه مرضاه مجرد طبيب عظام، بل “مهندسًا لإعادة بناء الإنسان”، يرمم الداخل قبل الخارج، ويُعيد التوازن بين الجسد والنفس.

في زمنٍ تتسارع فيه المعارف وتبهت فيه العلاقات، يظل نموذج الدكتور هشام سامي عبد الرحمن شاهدًا على أن الطب، حين يُمارس بضمير وحب، يمكن أن يكون أسمى صور الإنسانية. فهو لا يكتفي بأن يُعيد العظام إلى مكانها، بل يُعيد الإنسان إلى ذاته، وبهذا المعنى يصبح الطب عنده فنّ الشفاء الحقيقي — شفاء الجسد، وطمأنينة الروح، والتصالح مع الضعف البشري في أبهى صوره.

هكذا، يكتب د. هشام سامي عبد الرحمن سيرته المهنية والإنسانية بحروف من ضوء، جامعًا بين الحكمة والعلم، وبين اليد التي تُجري الجراحة والقلب الذي يعرف معنى الوجع. إنه ليس مجرد استشاري عظام، بل رمز لفلسفة الطب الإنساني في أرقى تجلياتها، تلك التي تجعل الطبيب رسول أملٍ في عالم يزداد صقيعًا، وتؤكد أن الشفاء الحقيقي لا يتحقق إلا حين يلتئم العظم… وتُشفى الروح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى