بقلم الباحث الاثارى شهاب أحمد
يشهد العالم حدثًا استثنائيًا طال انتظاره، هو افتتاح المتحف المصري الكبير عند سفح الأهرامات بالجيزة، أكبر متحف أثري مخصص لحضارة واحدة في العالم، وصرح ثقافي يجسد عبقرية المصري القديم ويواكب في الوقت ذاته أحدث ما وصلت إليه تقنيات العرض المتحفي الحديثة.
يقع المتحف على مساحة تزيد على ٥٠٠ ألف متر مربع، ويطل مباشرة على أهرامات الجيزة، في مشهد يجمع بين الماضي العريق والحاضر المشرق. بدأ مشروع إنشائه مطلع الألفية الجديدة، بدعم مصري ودولي، ليكون مركزًا عالميًا للثقافة والبحث والتعليم، ووجهة أساسية لعشاق التاريخ من كل أنحاء العالم.
يضم المتحف أكثر من مئة ألف قطعة أثرية تمثل مختلف مراحل الحضارة المصرية القديمة، بدءًا من عصور ما قبل الأسرات وحتى العصر اليوناني الروماني، مع تخصيص مساحة فريدة لعرض المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون لأول مرة في مكان واحد، في عرض متكامل يستخدم الإضاءة والصوت والوسائط التفاعلية لتجسيد قصة الملك الذهبي وسحر مقبرته.
كما يحتضن المتحف تمثال رمسيس الثاني الضخم الذي استقبل الزوار في البهو الكبير منذ لحظة نقله التاريخية من ميدان رمسيس إلى موقعه الجديد، إلى جانب قاعات عرض واسعة، ومركز ترميم يعد من الأكبر في الشرق الأوسط، ومناطق خدمية وثقافية وحدائق ومسارح وساحات للاحتفالات والعروض.
وفي مشهد يعكس مكانة مصر العالمية، يشهد حفل الافتتاح مشاركة واسعة من قادة العالم، تأكيدًا على القيمة الحضارية والإنسانية لهذا الحدث الفريد.
ومن أبرز الحاضرين: رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وملك إسبانيا، ورئيسة وزراء إيطاليا، ورئيس فرنسا، ورئيس تركيا، ورئيس ألمانيا، وملك بلجيكا، ورئيس لبنان، ورئيس وزراء النرويج، والرئيس التونسي، وملك البحرين، وأمير قطر، ورئيس سنغافورة، ورئيس أنجولا، وأمير الكويت، وملك هولندا، ورئيس جزر القمر، ورئيس وزراء صربيا، ورئيس وزراء كرواتيا.
ويعكس هذا الحضور الدولي الكبير التقدير العالمي لمصر ودورها التاريخي في صياغة هوية الحضارة الإنسانية.
لا يمثل افتتاح المتحف المصري الكبير مجرد حدث ثقافي، بل هو مشروع وطني حضاري يعيد لمصر مكانتها كقلب التراث الإنساني، ويربط الأجيال الجديدة بجذورها العميقة، ويفتح أمام السياحة الثقافية آفاقًا جديدة تليق بعظمة تاريخها.
إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى أو معرض آثار؛ إنه رسالة حضارية من مصر إلى العالم تؤكد أن هذا البلد الذي أنار البشرية منذ آلاف السنين، لا يزال قادرًا على الإبداع والعطاء والتجديد.