أخبارعاجلقضايا دوليةقضايا عربية

عقب المعارك الضارية بين المقاومة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية في مخيم جنين د/ جمال زحالقة رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي والقيادي في عرب ٤٨ في حوار خاص للزمان

الفصائل الفلسطينية ليس لها دور في تنامي العمليات الفردية للشباب الفلسطيني في جنين والمخيمات الفلسطينية الأخرى .

– السلطة الفلسطينية ليست على وشك الانهيار وحماس تسعى للسيطرة على الضفة الغربية .

شهدت الأيام الماضية معارك ضارية بين القوات الإسرائيلية والشباب الفلسطيني في مخيم جنين وهو ما دفع الرئيس الفلسطيني إلى القيام بزيارة المخيم لمواجهة تراجع شعبية السلطة في الضفة الغربية بشكل عام ومخيم جنين بشكل خاص ، وفي ظل الأجواء المتوترة التي تنذر باندلاع انتفاضة ثالثة أدلى د. جمال زحالقة رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي والقيادي في عرب ٤٨ بحوار خاص للزمان تناول فيه وجهة نظره حول تلك التطورات :-

– لماذا التصعيد الإسرائيلي الآن ؟

التصعيد الإسرائيلي ليس جديدا وفي العام الماضي في عهد حكومة بينيت لبيد التي سميت حكومة التغيير قام الجيش الإسرائيلي باعتداءات وحشية أدت إلى استشهاد مئات الفلسطينيين والحكومة الإسرائيلية الحالية تواصل القمع والقتل والتدمير بوتيرة أعلى وبطرق أكثر فظاعة هذه الحكومة تريد أن تثبت للجمهور الإسرائيلي الذي يميل بصورة واضحة إلى اليمين أنها متشددة وان الأمن على رأس أولوياتها خاصة بعد أن تبين لها أن مشروع تغيير جهاز القضاء لا يكسبها شعبية بل يجعلها تخسر كما أن هذه حكومة مستوطن بحكم أن عددا من وزرائها يسكنون في المستوطنات وهم من قيادة الجناح الاكثر تطرفا بين المستوطنين أما بقية أعضائها فهم داعمون لمشاريع الاستيطان التي تشمل تضييق الخناق على الشعب الفلسطيني والاستيطان فوق أرضه وإخضاع حياته اليومية لمتطلبات راحة المستوطنين وأمنهم .

– ما أبعاد مخطط الحكومة الإسرائيلية لهذا التصعيد ؟

علينا أن ننتبه اولا بأن هذه حكومة يمين متطرف بالكامل ولا يوجد كوابح داخلية فيها وثانيا بأن قيادة هذه الحكومة تعتقد أنها قد تكون فرصة لن تتكرر ويجب استغلالها لتغيير الواقع في القدس المحتلة والضفة الغربية بشكل دراماتيكي وفي مقدمة ذلك مضاعفة عدد المستوطنين ليصل إلى مليون مستوطن بدون القدس ومليون ونصف مع القدس كما أن معظم أعضاء هذه الحكومة نادوا في الماضي وينادون اليوم باستعمال العنف والقصف والتدمير بشكل أوسع وأشد والدعوة الأهم هذه الايام هي المطالبة بعملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية وباجتياح شامل للمخيمات ومدن شمال الضفة الغربية ، الجيش الإسرائيلي حاليا يعارض لكن حتى داخل المؤسسة الأمنية هناك من يتبنى هذا الاتجاه والأمر يتعلق أكثر بموقف نتنياهو شخصيا الذي يسعى إلى عدم إغضاب الولايات المتحدة وعدم احراج بعض الدول العربية زيادة عن اللزوم .

– هل نحن مقبلون على انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية ؟

الانتفاضة الثالثة مختلفة عما سبقها من انتفاضات بسبب تغير الظروف وهناك من يقول بأن الموجات الانتفاضة المتكررة هي عمليا الانتفاضة الثالثة والاتجاه العام فلسطينيا هو التصعيد ويبدو أنه سيتزايد مع الوقت خاصة وأن الاحتلال يصعد من جهته في القتل والتدمير ولا يتحدث مع الفلسطينيين سوى بلغة الرصاص والمتفجرات ، والسؤال ليس “هل” ستنشب انتفاضة جديدة واسعة وشاملة بل السؤال هو “متى” وهذا قد يحدث في أي وقت تبعا للتطورات فإذا حدث أمر جلل في المسجد الأقصى فقد يشعل ذلك الأرض تحت اقدام المحتلين .

– كيف تفسرون تنامي العمليات الفردية أو ما يطلق عليها ظاهرة الذئاب المنفردة في المخيمات الفلسطينية وعلى رأسها مخيم جنين؟ وهل للفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس دور في ظهور تلك المجموعات؟

تعود ظاهرة تنامي العمليات الفردية إلى الضعف التنظيمي وتراجع الحضور الجماهيري للفصائل الفلسطينية، التي لم تنجح في استقطاب هؤلاء الشباب. وتعود من جهة أخرى إلى تذويت الرفض الفلسطيني للاحتلال والقمع. وتقلق هذه الظاهرة إسرائيل لعدة أسباب، أوّلها أنها لا تستطيع التجسس على من سيقوم بعملية فردية لانعدام هيكلية تنظيمية يمكن للمخابرات تتبعها بالوسائل الإلكترونية وبطرق أخرى، وثانيها انعدام الردع، لأن الأسهل ردع تنظيم من خلال تهديده بالعقاب، من ردع فرد يبادر إلى فعل مقاوم وهو بالعادة لا يخشى حتى الموت. وقد عبّر رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال هرتصي هليفي، عن قلقه من أن الجيل الفلسطيني الجديد، لم يذق طعم بطش الاحتلال كما تجلّى في الانتفاضة الثانية، وأن هناك حاجة لكي وعيه. ليس لحماس ولا غيرها دور في ظهور تلك المجموعات، ولو كان لها دور لانضم هؤلاء الى تنظيمها المتواجد في كافة أنحاء الضفة الغربية.

– هناك اتهامات توجهها السلطة لحماس بأنها تسعى للسيطرة على الضفة الغربية من خلال تلك المجموعات. فما صحة ذلك؟

تسعى حماس للسيطرة على الضفة الغربية، وبالعموم إلى قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية كلّها. ولكنّها حذرة في سلوكها في الضفة الغربية وتتجنّب الدخول في صدام وارتطام مع السلطة الفلسطينية ومع الجيش الإسرائيلي، وتقوم بعمليات محدودة ومدروسة حتى لا تتعرّض لحملات عسكرية تكلّفها الكثير. تأثير حماس على المجموعات الجديدة، التي نشأت في الضفة الغربية لا يختلف كثيرا عن تأثير الجهاد وفتح، وهو بالعموم محدود، وحتى أن بعضه تريد لحماس أن تتبعها وليس العكس.

– هل ترى أن تنامي المقاومة في الضفة الغربية سيؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية؟

لا أرى أن السلطة حالية على حافة الانهيار، كما يُشاع. هي في وضع صعب للغاية وتقع بين سندان الحالة الشعبية الفلسطينية، التي تطلب منها عمليا الانخراط في المقاومة وحماية المخيمات والبلدات، وبين الضغط الإسرائيلي الذي يهدد بخنقها اقتصاديا وأمنيا وسياسيا. هناك تراجع في سيطرة السلطة على الأحوال في الضفة الغربية، ولكن فقدان السيطرة هو الآن في بؤر معيّنة وتحديدا في مخيم جنين وبعض مناطق مدينة نابلس. ومع ذلك قد تتغيّر الأوضاع بشكل دراماتيكي، إذا نشبت حرب وراثة داخل السلطة ذاتها حول مرحلة ما بعد أبو مازن.

– رغم نفي السلطة الفلسطينية ما هو حقيقة استمرار التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل؟

أعلنت السلطة مرارا وتكرارا عن تجميد، وحتى إلغاء، التنسيق الأمني، وفي الحقيقة أنّه هذا “إعلان”، لكن الإعلام الإسرائيلي يصر على أن التنسيق مستمر، ويدّعي بأن السلطة تستفيد منه ليس أقل من إسرائيل. إذا كان هناك إلغاء حقيقي للتنسيق الأمني فسينشب صدام فعلي بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، وطالما لم يحدث ذلك فإن التنسيق الأمني يبقى قائما ولو بحدّه الأدنى المقلّص.

– ما هي رؤيتكم للوضع في الضفة في حالة انهيار السلطة؟

في حال انهيار السلطة فسوف تسود حالة من الفوضى لا أحد يستطيع التنبّؤ بتداعياتها، ويمكن الحديث فقط عن الممكن وليس عن الحتمي. هناك احتمال أن تسيطر مجموعات مسلحة على مدن ومناطق، وقد تكون هذه مجموعات مستقلة أو فصائلية أو حتى مرتبطة بتنسيق أمني مع الاحتلال. من ناحية إسرائيل، فهي قد تستغل الوضع للقيام بعملية أبادة سياسية للشعب الفلسطيني، وبناء تنسيق وتعاون مع البلديات والمجالس المحلية في أنحاء الضفة، في محاولة لمحو البعد السياسي للقضية الفلسطينية، كما قد تلجأ الى ضم مناطق “ج”، التي تشكّل 60% من أراضي الضفة الغربية.

حقيقة من الصعب التنبّؤ، إذ هناك سؤال كيف وفي أي سياق تنهار السلطة إذا انهارت؟ ولكن إذا رافق الانهيار حماس نضالي وجرف مقاومة كبير، فقد يكون لذلك أثر في الإسراع في إنهاء الاحتلال.

– ما تفسيركم لتنامي الأعمال العدائية في أراضي ٤٨ وهل يدعم عرب ٤٨ تلك الأعمال؟

لقد ازداد في السنة الماضية وهذه السنة عدد الشهداء الفلسطينيين، وارتفع في المقابل عدد القتلى الإسرائيليين. وما حدث من تنامي للعمليات داخل أراضي 48، هو تعبير عن الاحتقان الذي يسود الشارع الفلسطيني، وارتفاع منسوب الغضب عند الشباب الفلسطيني. وعلينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن أكثر من مئة ألف فلسطيني يدخلون يوميا للعمل في إسرائيل، ولا يمكن لإسرائيل السيطرة ومعرفة من سيقوم بعملية، خاصة أن معظم منفّذي العمليات يدخلون بلا تصاريح.

أما بالنسبة لعرب 48، فإن أي تعبير علني عن دعم تلك الأعمال عقوبته السجن لعدة سنوات.

– ما رد السلطات الإسرائيلية في تعاملها مع عرب ٤٨ ردا على تلك العمليات؟

تعامل السلطات الإسرائيلية مع عرب 48 هو تعامل عدائي وعنصري وكولونيالي، بغض النظر علن تلك العمليات. لكن بعد عمليات من هذا النوع تحدث اعتداءات على مواطنين من عرب 48، سواء في المناطق القريبة من العمليات أو بعيدا عنها.

– ما تأثير الكتلة العربية في الكنيست الإسرائيلي في مواجهة عنصرية إسرائيل؟

تأثير الكتلة العربية في الكنيست الإسرائيلي في مواجهة عنصرية إسرائيل يبقى محدودا، ويتلخّص في فضح السياسات والممارسات الإسرائيلية، ومحاولة استغلال أي ثغرة للتخفيف من أثرها. النظام الإسرائيلي هو نظام أبرتهايد كولونيالي عنصري، مبنى على اقتلاع أهل البلاد وجلب مستوطنين مكانهم، وساحات المعركة معه متعددة وكثيرة، وتبقى الكنيست ساحة محدودة ومحكومة بأغلبية فاشية ساحقة، من الصعب جدا وحتى من المستحيل تمرير قرارات ضد إرادتها.

– هل ترى حل الدولتين لا يزال ممكنا في المرحلة القادمة؟ وما هو البديل لذلك؟

الحالة الفلسطينية اليوم في غاية الصعوبة، فحل الدولتين يحتضر ويلفظ أنفاسه الأخيرة، لكنّه لم يمت بعد. وحل الدولة الواحدة، بصيغه المختلفة، لم ينضج بعد ولا يجري التعامل مع كمشروع سياسي واقعي. أهم ما يمكن فعله هذه الأيام هو ليس الغرق في الحديث عن حلول، بل مواجهة التهديدات والمخاطر الفعلية على الأرض وفي مركزها حملة الاستيطان الضخمة التي تخطط لها حكومة المستوطنين، والرامية الى إجراء تغيير ديموغرافي وجغرافي في الضفة الغربية والقدس والجولان.

لقد أصبح الحل السياسي حكرا على الحلقات الأكاديمية وعلى البيانات الدبلوماسية، أمّا من الناحية الفعلية فلا حراك حول الموضوع. ولو أخذنا الموقف الأمريكي المؤثّر على سبيل المثال، فهو لم يعد دعوة للتوصل الى حل وإقامة دولة فلسطينية، ولا حتى لإجراء مفاوضات من أي نوع، ويكتفي بمطالبة خجولة من إسرائيل بعدم اتخاذ إجراءات من شأنها أن تقوّض الإمكانية المستقبلية للتوصل إلى حل الدولتين.

– في النهاية كيف ترى تأثير الاحتجاجات الإسرائيلية على حكومة نتنياهو؟ وهل تتوقع انهيار تلك الحكومة؟

من غير المتوقّع أن تنهار حكومة نتنياهو بسبب المظاهرات. حاليا على الأقل. لكن خطة “تغيير الجهاز القضائي”، التي تبنتها الحكومة الإسرائيلية ومظاهر الاحتجاج ضدها، خلقت وضعا في غاية الصعوبة لنتنياهو: الإدارة الأمريكية غاضبة عليه وترفض دعوته لزيارة واشنطن وتطلب منه وقف “خطة تغيير الجهاز القضائي”، آلاف الضباط والجنود من وحدات النخبة العسكرية أعلنوا رفضهم أداء خدمة الاحتياط، وهذه ضربة من الوزن الثقيل جدا للمؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية برمّتها، والاقتصاد الإسرائيلي بدأ بالتراجع، حيث التضخم وتقليص الاستثمار ونقل رؤوس أموال وشركات الى الخارج، ما قد يؤدّي في النهاية الى صعوبة اقتصادية حتى عند القاعدة الانتخابية للنتنياهو .

حاوره/ مصطفى عمارة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى