الشاعرة د. عبير شرارة // لبنان
ضجيجُ الصمتِ
نبكي كثيراً من دونِ دمعٍ
نصمتُ…
ذلك الذي نسميه الصمت الحزين
يقولُ: ضعوني بين قوسين
وألحِقوني بحاشيةٍ
تحتَ خطٍّ
في أسفلِ الصفحةِ
واكتبوا: عصيٌّ على التعبيرِ
لكنَّ هذه الحاشيةَ: ” عصيٌّ على التعبيرِ”
تحتاجُ إلى حاشيةٍ أخرى
وتتعدّدُ الحواشي، حدَّ الحيرةِ
حدَّ الوصولِ إلى وجعٍ” محتارٍ”
وجعٍ لا يعرفُ أين يحطُّ وجعَه!
عندَ أيِّ زاويةٍ
في أيِّ محيطٍ
على أيِّ قِمَّةٍ
تحتَ أيِّ خطٍّ، في أسفل أيِّ صفحةٍ!
سأتركُه يعاني قِلَّةَ حيلتِهِ الكثيرةَ الأغلالِ على لساني
الكثيرةَ الأقفالِ على شفتيَّ
العاليةَ الصوتِ حتّى الضجيجِ
في قلبِ الصمتِ
لماذا لا تبكي يا سيّدي؟
البكاءُ ليس ضعفاً أيّها الفنّانُ الذي يرسمني
من جديدٍ
في كلِّ لقاءٍ
البكاءُ يغسلُ الفرشاةَ من بقايا الألوانِ
الألوانِ التي رسمتَ بها النساءَ الأخرياتِ
ويضعها نظيفةً على “الباليت”
لتليقَ ببياضِ اللوحةِ…
وببياضِ جسدي
وببياض مخيِّلتكَ بعدَ أن تستحمَّ
بدموع الحبِّ
هو ذا أنتَ
أنتَ حقّاً
انت الآنَ في هذه اللحظاتِ ترسمُني
أعرفُ أنكَ تفعلُ
ترسمُني بين يديكَ ولا تلمَسُني
تخافُ على ألواني حتّى في اللوحةِ
حسنٌ، حاولْ من جديدٍ
تخيّلني ثمرةً ناضجةً بالفستقِ والسكرِ
معجونةً بماءِ الزهرِ… والقبلاتِ
باشِرْني بكلِّكَ
بكلِّ ألوانِ رغباتِكَ
عميقاً
عميقاً
بكلِّ ما تستطيعُ فرشاتُكَ في الأحمرِ
والأزرقِ… الأزرقِ جِدَّاً
فالعشقُ بنفسجيٌّ غامقٌ
غامقٌ
حدَّ اللا شبعِ
حدَّ اللا ارتواءِ
وحدَّ ضجيجِ الصمتِ… والبكاء
لترسمَني
لترسمني من جديد.
من ديواني قيد التحضير : “انقلاب على ميت” .