منوعات

مؤتمر النيماتولوجين العالمي الآن في مصر .. بقلم الأستاذ الدكتور خالد عياد

بقلم الأستاذ الدكتور خالد عياد

 

بدعوة كريمة من الأستاذ الدكتور” فيهم قورة- رئيس منظمة ” أونتاONTA  بأمريكا الأستوائية، تشرفت بحضور المؤتمر الثالث والخمسون والذى تتوجت مصر بإستضافتها لهذا المؤتمر العالمى لعلماء النيماتودا فى جميع أنحاء العالم والذى عقد فى فندق شيراتون- القاهرة -بقاعة صلاح الدين.

كنت قد عقدت العزم على حضور المؤتمر فى يومه الأول فقط  لإعتقادى خطأً   بأنه مؤتمر سوف لانرى فيه الجديد ولكن وجدتنى حريص على الحضور مبكراً والأنصراف متأخراً ومتابعة عن كثب عرض كل الأبحاث والأستماع جيداً للماقشات المفتوحه حوله خلال ثلاث أيام ممتالية هم مدة المؤتمر الفعلى.

بدأت جلسات عرض الأبحاث بمواضيع طبية وليست زراعية مثل بحث عرض وجهات النظر فى ما يخص القضاء التام لمرض العمى النهرى onchocerciasis فى أمريكا وأفريقيا ، والمتسبب فى إصابة الأنسان بهذا المرض هو طفيل النيماتودا الخيطية كلابية الذنب ((filarial nematode worm Onchocerca volvulus والذى تحمله ذبابة سوداء التى تنقل المسبب المرضى للمصاب وتظهر أعراض الأصابة فى البداية بحكة جلدية ثم يتبعها فقدان للبصر تماماً.

ثم توالت بعد ذلك عرض للأبحاث المتعلقة بالنيماتودا الزراعية ،وجدت أن مضمون معظم الأبحاث الأمريكية والبرازلية وغيرها من قبل علماء ينتمون إلى جامعات دول عظمى فى مجال البحث العلمى والمتقدمين فى مجال  الزراعة وخصوصاً مجال  النيماتودا ، حيث كانت تدور معظمها حول إيجاد أصناف نباتية مقاومة للنيماتود من خلال الهندسة الوراثية  ، وكان أول من طرح هذه الفكرة العالمة الأمريكية الشابة هندرسون برونتيل حيث أن نتائج بحثها كان يشير إلى كسر صفة المقاومة لدى الصنف النباتى المهندس وراثياً بعد مدة بسيطة من الزمن، وبحديث جانى مع هذه العالمة الشابة عن السبب الحقيقى اذى أفقد النبات صفة مقاومته للنيماتودا ، وضحت لى أن من وجهة نظرها وليس نتيجة للبحث العلمى عن أسباب كسر المقاومة أنه ربما يرجع السبب إلى بعض الأفرازات الإنزيمية والكيميائية التى تحدثها النيماتودا نفسها فى العائل النباتى فتكسر صفة المقاومة المكتسبة فيه.

وبكل شفافية عرض المحاضرون نتائج أبحاثهم بنتائج متقاربة بأن مقامة الصنف ضد النيماتودا المسماه Meloidogyne incognita (root-knot nematode, RKN), قد ضعفت وأنكسرت فى وقت قصير.

وكانت أسباب إنكسار المقاومة هى مجرد وجهات نظر علمية و أنهم على أمل من تأكدها أو نفيها أو ظهور أسباب أخرى ستكتشف مع إستمرارية العمل البحثى.

وقمت بطرح سؤال عليهم وهو  إذا أن إجراء التجارب على مقاومة صنف نباتى معين ضد النوع السابق ذكره من النيماتودا  كانت نتائجة سلبية فكيف سيكون الحال مع عشرات الأنواع من النيماتودا الأخرى التى تعيش داخل الأرض؟

 

فكانت الأجابة رائعة فقد وافقونى كل من تحدثت معهم على ملاحظتى البسيطة هذه ولكن لديهم أحلام علمية مستمرة لمحاولة إيجاد وسائل فعالة ضد النيماتودا الضارة بالنبات….

وكان لى حديث مع عالمة أخرى  أسمها “ميكيل دانييل “عرضت بحث غاية فى الروعة فى مقاومة النيماتودا وذلك بزراعة نباتات من شأنها إفراز مركبات  كيميائية معينة تقتل النيماتودا مثل حسب ماذكرت قامت بإستخدام نوع من نبات الفجل أسمه fodder radish ،وكذلك بعض مغطيات التربة والتى لها القدرة على إفراز مركبات كيميائية تؤدى نفس الغرض ،وقالت أن لديها فكره فى إستخلاص تلك المركت من هذه النباتات وأستخدمها فى مقاومة النيماتودا بطريقة التدخين الحيوىBio fumigation .

وبالصدفة جلست على طاولة ألتف حولها بعض علماء من البرازيل و وصل إلى مسامعى حديث شيق  من الدكتورة ماريا روبيا وهى تقوم بالتوضيح والشرح لزملائها وتشير بأصبعها على بثرات ناتجة عن حشرة معينة وذلك فى جزء من ثمرة تين كانت من ضمن قائمة الطعام المقدم وأخذنى الفضول أن أعرف القصة منها و بالتفصيل … 

وقالت لى  وهى تشير بأصبعها على قطعة صغير من ثمرة التين ،  هل تلاحظ تلك الأنتفاخات البيضاء التى بداخل فصوص الثمرة ؟ قلت لها نعم وما المشكلة؟ قالت لى أنها ناتجة عن زيارة حشرة  معينة لزهرة شجرة التين  لتضع بيضها على الزهرة  والذى يفقس إلى يرقات تنتقل إلى ثمرة التين  و لا تؤثر هذه اليرقات فى ثمرة التين بل تعتبرها مجرد مسكن آمن لها ومن ثم تتحول هذه اليرقة إلى طور العذراء و فى النهاية تخرج منها الحشرة الكاملة تاركة ورائها هذه البثرات البيضاء (Galls).

كنت أعتقد وأنا أتابع الحلقات العلمية للمؤتمر أن أحد المتحدثين سيعرض بحث خاص بأكتشاف نوع جديد من النيماتودا الضارة بالنبات أو المفترسة وسيطلق عليه أسمه الخاص لتخليده كما هو الحال عندنا فى بعض الكليات والمعاهد البحثية ولكن لم أجد، فأستوقفت كثيراً علماء من جنسيات مختلفة  لأخذ رأيه فى الأمر ،فكانت أجابتهم منطقية فى أنه ربما لم يجد الباحث مشكلة زراعية عظيمة ناتجة عن الإصابة  بنوع معين من النيماتودا وأن حدث هذا ، فبالطبع سيتم دراسة الوضع التقسيمى لهذا النوع وتسميته تسمية علمية، ولكن على حد قول معظهم أنه قبل أن يشرع الباحث فى نشره أكتشافه  يجب أن يقترح حل للمشكلة وهذا فى نظرهم الفائدة العظمى من البحث العلمى ونشر الأبحاث، وجميعهم كانت ليس لديهم أعتراض على مثل هذا النوع من الأبحاث من الأكتشافات التقسيمية للنيماتودا.

 وما أدهشنى مما شاهدته و لأول مرة فى هذا المؤتمر الرائع أن بعض جلسات المؤتمر خُصصت لعرض خدمات علمية  من قبل  علماء يعرضون خدماتهم فى إعطاء دورات خاصة متنوعة فى مجال النيماتودا فى بلادهم بمصاريف بسيطة وأخرون عرضوا تعاونهم المجانى عبر منصات التواصل الأجتماعى ولكن بحجز مسبق.

وحضر المؤتمر من العلماء الشبان المصريين المتخصصون فى علم النيماتولوجيا الزراعية  من أساتذة ومدرسين فى بعض كليات الزراعة المختلفة، فمن جامعة عين شمس حضرت الدكتورة إنتصار حلمى و التى شاركت فى المؤتمر ببحث لمكافحة النيماتودا بأستخدام مركبات النانو ومن جامعة القاهرة حضر الدكتور عبدالله على والذى شارك ببحث عن مكافحة النيماتودا والدكتورة نهى أبو شادى شاركت ببحث عن مكافحة سوسة النخيل الحمراء بنيماتودا الحشرات ومن مركز البحوث الزراعية حضرت من مدينة الأسكندرية الدكتورة رشا سليم وكلهم عرضوا أبحاثهم التى شاركوا بها فى فعليات المؤتمر حيث قامت الدكتور إسراء عثمان بنشر بحث بالأشتراك مع الأستاذ الدكتور أحمد عثمان الأستاذ المتفرغ بقسم النيماتودا بنفس الكلية تحت عنوان تأثير السليكات على نيماتودا تعقد الجذور وهى إحدى الوسائل الغير كيميائية لمكافحة النيماتودا النباتية عن طريق تعزيز صحة النبات.

وكانت من الفريق المنظم للمؤتمر الدكتورة عبير يس الباحثة بمركز البحوث الزراعية والتى  قامت بتنظيم المؤتمر بشكل رائع أعجب به كل السادة الحضور  من الأجانب والمصريين وقامت أيضاً بإلقاء عرض تقديمى عن طرق المكافحة  الحديثة للنيماتودا عن طريق تقنية النانوتكنولجى على محصول بنجر السكر.

وحضر نائباً عن معالى وزير الزراعة السيد القصير الأستاذ الدكتور علاء عزوز رئيس قطاع الأرشاد والأستاذ الدكتور أحمد رزق رئيس الإدارة المركزية لمكافحة الأفات،  وقد قام الأستاذ الدكتور محمد سليمان رئيس مركز البحوث الزراعية بإلقاء كلمة فى الأفتتاحية وكذلك الأستاذ الدكتور محمود صقر رئيس أكاديمية البحث العلمى.

وفى ختام الفعاليات العلمية للمؤتمر قام المنظمون بتنظيم رحلة سياحية لأشهر المعالم السياحية المصرية القديمة كمتحف المومياوات الملكية بجنوب القاهرة والمتحف المصرى وبرج القاهرة وكذلك القيام برحلة نيلية وغيرها فتعرف جميع الحضور على عظمة وتاريخ مصر مهد حضارات العالم.

 

وفى النهاية أتوجه بالشكر للأستاذ الدكتور فهيم قورة وجميع القائمون على تنظيم هذا المؤتمر الرائع بكل المقايس وهذا الجمع الهائل من العلماء من كل الجنسيات وكانت فرصة رائعة للتعرف عن ثقافاتهم الحياتية والعلمية عن قرب.

وفق الله الجميع لصالح مصرنا الحبيبة وبالعلم نعلو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى